إعراب وفوائد من سورة الناس




|| إِعْرَابُ وَفَوَائِدُ مِنْ "سورةالناس||
|| إِعْرَابُ وَفَوَائِدُ مِنْ "سورةالناس|| 
صوتي 🎧|| https://c.top4top.net/m_873qyyx01.mp3||
مرئي 🖥️|| https://youtu.be/G_PmYLMJqJs||
==========================
تحميل الملف 📂بصيغة الــ pdfــــ ⬇️⬇️⬇️
ـ||https://up.top4top.net/downloadf-932zbb2d1-pdf.html||
تحميل الملف بصيغة الـوورد ⬇️⬇️⬇️
ـ|| https://up.top4top.net/downloadf-932srj2s1-doc.html||ـ
للقراءة على المدونة 👓⬇️⬇️⬇️
ـ||https://mahfoouz.blogspot.com/2018/07/blog-post_21.html||ـ
==========================
#التفريــــــــــــــغ
بسم الله الرحمن الرحيم
مدخل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومنْ والاه.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
بسم الله الرحمن الرحيم
 ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ ۞ إِلَهِ النَّاسِ ۞ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۞ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ۞ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾[الناس:1،2،3،4،5،6].
 البسملة سبق إعرابها.
﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾.
• ﴿قُلْ﴾: فعل أمر مبني على السكون عند البصريين،
 • وأصلها عندهم: اُقْوُلْ، ثم أُعلت بالنقل فصارت اُقُوْلْ فاجتمع ساكنان، فحُذفت الواو للتخلص من التقاء الساكنين، وسقطت ألف الوصل، فبقيت ﴿قُلْ﴾ فهي مبنية عند البصريين،
 • ومُعربة عند الكوفيين، ﴿قُلْ﴾ أصلها عندهم لتقل، فهو مجزوم باللام وعلامة جزمه السكون، ثم أُعل -كما سبق عند البصريين- فصارت ﴿قُلْ﴾.
إذًا ﴿قُلْ﴾ فعل أمر مبنيٌ على السكون أو مجزوم بالسكون عند الكوفيين،
والفاعل ضمير مستتر تقديره قل (أنت)، مستتر وجوبًا.
• ﴿ أَعُوذُ﴾: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة،
• لماذا مرفوع؟
الجواب :لأنه لم يسبقه ناصب ولا جازم،
• ولماذا مرفوعٌ بالضمة الظاهرة؟
الجواب: لأنه صحيح الآخر.
• ﴿أَعُوذُ﴾: والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنا.
• ﴿بِرَبِّ﴾: الباء حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب.
• ﴿رَبِّ﴾: اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
• ﴿بِرَبِّ النَّاسِ﴾: ﴿بِرَبِّ﴾: مضاف، و ﴿رَبِّ﴾ مضاف،
 • و ﴿النَّاسِ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾.
• ﴿مَلِكِ﴾: بدل أو نعت من رب،
• نعت مجرور بالكسرة،
• أو بدل مجرور بالكسرة الظاهرة.
• ﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾: ﴿مَلِكِ﴾: مضاف و ﴿النَّاسِ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾.
• ﴿إِلَهِ﴾: نعت أو عطف بيان أو بدل من ﴿مَلِكِ﴾ مجرور بالكسرة الظاهرة.
 • ﴿النَّاسِ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الخناس﴾.
• ﴿مِنْ﴾: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب،
• ﴿شَر﴾: اسم مجرور بـ﴿مِنْ﴾ وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
• ﴿ شَرِّ الْوَسْوَاسِ﴾: ﴿شَرِّ﴾: مضاف، ﴿الْوَسْوَاسِ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
• ﴿الْخَنَّاسِ﴾: صفة لـ ﴿الْوَسْوَاسِ﴾ مجرورة بالكسرة الظاهرة.
﴿الذي يوسوس في صدور الناس﴾
• ﴿الَّذِي﴾: اسم موصول مبني على السكون،
• محله الإعرابي: يجوز فيه أنْ يكون نعتًا أو بدلاً ، أو عطف بيان؛ فيكون مجروراً على الإتباع،
• ويجوز فيه أيضًا القطع؛ فينصب بفعل محذوف؛
تقديره:( أعني الذي)
 أو يرفع بمبتدأ محذوف تقديره( هو الذي).
• ﴿يُوَسْوِسُ﴾: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة؛ لأنه لم يسبقه ناصب ولا جازم، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، والجملة من الفعل والفاعل (يوسوس هو) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
• ﴿فِي﴾: حرف جر مبني على السكون ، يفيد الظرفية،
• ﴿ صُدُورِ﴾: اسم مجرور بـ في وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
• ﴿صُدُورِ النَّاسِ﴾: ﴿صُدُورِ﴾: مضاف.
•  و ﴿النَّاسِ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
﴿مِنَ الْجِنَّةِ﴾.
• ﴿مِنَ﴾: إما تبعيضية، أو ابتدائية، أو بيانية، وهي في كل الأحوال جارة.
• ﴿الْجِنَّةِ﴾: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
• ﴿وَ﴾: حرف عطف مبني على الفتح،
• ﴿النَّاسِ﴾: معطوف على ﴿الْجِنَّةِ﴾ مجرور بالكسرة الظاهرة.
 هذا هو الإعراب، وهذه هي فوائد النحو.
ننتقل إلى فوائد الصرف:
1. ﴿قُلْ﴾ أصلها: اُقْوُل، وعند الكوفيين لتقُل،
ما الإعلال الذي حدث فيها؟
الجواب: إعلال بالنقل أو إعلال بالتسكين؛
 لأنّ الواو حرف علة، وهو لا يتحمل الحركة، وقبله القاف حرف صحيح ساكن، فتُنقل حركة حرف العلة إلى الساكن الصحيح قبله، فيُعل بالنقل أو بالتسكين،
فتكون اُقْوُل فيجتمع ساكنان، فتُحذف الواو للتخلص من التقاء الساكنين، وتسقط ألف الوصل؛
لأنه جيء بها أصلًا للتوصل للنطق بالحرف الساكن، فقد تحرك الساكن، فتصير ﴿قُلْ﴾.
2. الفائدة الثانية في الصرف: ﴿أَعُوذُ﴾ أصلها: أَعْوُذ، مثل قتل يَقْتُلْ، نصر يَنْصُر، عوذ يَعْوُذ، ثم أُعلت بالنقل فصارت ﴿أَعُوذُ﴾ كما سبق في( قل).
3. ﴿رَبِّ﴾ أصلها: رابب اسم فاعل، فحُذفت الكسرة كسرة الباء الأولى للتخفيف، فأُدغمت الباءان وحُذفت الألف للتخلص من التقاء الساكنين فصارت ﴿رَبِّ﴾، فـ ﴿رَبِّ﴾ أصلها: رابب يعني اسم فاعل أو صفة مشبهة.
4. ﴿الْوَسْوَاسِ﴾ مصدر أم اسم؟
 وسوس يوسوس وَسواسًا هذا الاسم، الوسواس هو الموسوس هو إبليس، هو الشيطان، الوسوَاس بالفتح،
لكن وسوْاس يوسوس وِسواسًا هذا مصدر، مثل: زلزل، يُزلزل، زلزالًا وزلزلة، وسوس يوسوس وسواسًا ووسوسة،
 فالوِساوسِ بالكسر مصدر، لكن الوَسوَاس بالفتح اسم.
5. ﴿الْخَنَّاسِ﴾: فائدة صرفية أيضًا صيغة مبالغة على وزن فعال، فعال أو مفعالٌ أو فعول فعيل وفَعِل الأوزان القياسية في المبالغة، فـ ﴿الْخَنَّاسِ﴾ يعني: كثير الخنوس وهو التراجع والهروب والاختفاء.
أيضًا من الفوائد الصرفية: ﴿النَّاسِ﴾ ما أصلها؟
الجواب:  أصلها من الأُناس مثل: الله أصلها الإله، وهذا مذهب سيبويه، الناس أُناس وحُذفت الهمزة للتخفيف، فأناس صارت الناس، فأصلها أُناس هذا مذهب سيبويه.
المذهب الثاني: أصلها نوس، بدليل التصغير نويس، فترجع إلى أصلها نويس.
وقيل: أصلها: نيس، نيس أصلها مقلوبة من نسي من النسيان،
فالناس من النسيان، نسي ثم قُدمت الياء فصارت نايس مثل بايع، تحركت الباء وانفتح ما قبلها فقُلبت ألفًا، فبايع صارت باع، ونايس صارت ناس،
فالناس اُختلف في أصلها على ثلاثة أقوال:
1 - أُناس هذا مذهب سيبويه،
2- - نوس،
3- - أو نيس.
فوائد لغوية
﴿أَعُوذُ﴾ معناها: أحتمي، ألتجئ، أعتصم بالله، أحتمي بالله، أفر مما أخشاه وألتجئ بمن ينجيني وهو الله عزَّ وجلَّ.
﴿رَبِّ النَّاسِ﴾ يعني: مالكهم وخالقهم ومدبر أمرهم.
﴿مَلِكِ﴾: الملك ملك الله -عزَّ وجلَّ-
وأعلى مراتب الربوبية المُلك الذي يتضمن الأمر والنهي.
 لأن الربوبية تشتمل على القدر الكوني والتشريعي والجزائي.
﴿إِلَهِ﴾ معنى إله يعني: المعبود الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له.
الوسوسة ما هي الوسوسة؟
 الوسوسة: الحديث الذي يُلقيه الشيطان في نفس ابن آدم بغير صوت، بغير سماع صوت، بل يضع خطمه على ثمرة قلبه، ويلقي إليه شيئًا يفهمه فهمًا من غير أنْ يجد صوتًا ولا حساً.
﴿فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾، ولم يقل: في قلوب؟ فما الحكمة؟
 الجواب : لأن الصدر هو دهليز القلب، يعني الممر الداخل على القلب، فالشيطان يُلقي في هذا المكان، ثم تتسرب الوسوسة إلى القلب،
﴿فِي﴾ للظرفية.
﴿مِنَ الْجِنَّةِ﴾، ما هي الْجِنَّةِ؟
 الجواب: الجنة هي الجن. والله أعلم.
الفوائد التي تتعلق بالقراءات:
﴿قُلْ أَعُوذُ﴾ قُرأت بنقل حركة الهمزة إلى ما قبلها ﴿قُلَ اعُوذُ برَبِّ النَّاسِ﴾  وقُرأت النيس، بالإمالة المحضة النيس في الخمسة مواضع قل أعوذ برب الناِس ملك النِاِس إله الناِس
﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ ليس فيها إمالة!
وبعض الناس الجهلة- طبعًا لا دراية له بالقراءات-، فيأخذها قياس الناِس الوسواِسِ، الخناِس، هذا جهل بدين الله وبكلام الله تبارك وتعالى.
 إنما القرآن بالتلقي الناِس في الخمسة مواضع، لكن ﴿الْخَنَّاسِ﴾ ﴿الْوَسْوَاس﴾ هذه بالألف المفتوحة عند الجميع،
وجه هذه القراءة الإمالة إشارة إلى الأصل الذي ذكرناه إنّ ﴿النَّاسِ﴾ أصلها من نيس، فهذه الألف منقلبة عن ياء، فجاز إمالتها الناِس.
 أيضًا أشرنا في الفاتحة إلى أنّ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۞ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۞ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾[الفاتحة:2،3،4]، لكن هنا ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ﴾ عند الجميع لا يوجد مالك الناس، وهذا سبق وجهه في الفاتحة فراجعه ثمت.
مما يتعلَّق بالقراءات أيضًا:
التكبير: الله أكبر، بسم الله الرحمن الرحيم
﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾، والتكبير من أول سورة الضحى إلى الناس،
وهذا فيه أثر أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سمع جبريل يقرأ الضحى كَبر، فصارت سُنَّة، وهذا مأخوذ من الأئمة بالتلقي، حتى ولو كان السند ضعيفًا؛ لأنّ أئمة القراءات نقلوه لنا كما عند ابن كثير مثلاً يُكبر من الضحى إلى الناس،
لكن اختلفوا هل التكبير في أول السورة أم في آخرها؟
 الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَالضُّحَى﴾ وهكذا إلى الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾.
 إذًا التكبير من الضحى إلى الناس هل هو في أول السورة أو في آخرها؟ على قولين والذي اختاره الشاطبي -رحمه الله- أنه في أول السورة، والله تعالى أعلم.
فوائد تتعلق بالتفسير:
 ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾: قال :(رب الناس) مع أنه رب العالمين ، مع أنه رب كل شيء، فلماذا قال هنا ﴿رب النَّاسِ﴾؟
الجواب: لأنّه رب الذين يوسوَس في صدورهم فنحن نلتجئ إلى بربهم،
ربهم الذي خلقهم، والذي استحق عبادتهم لا يُنجيهم من كيد عدوهم إلا هو،
 فكان من المناسب أنْ يستعيذ الإنسان بما يُناسب المقام، أنت ربي الذي خلقتني فاحمني من هذا العدو، مع أنه رب كل شيء، فالمناسبة تقول: أنت ربي أنا، مع أنه ربك ورب غيرك، لكن الخطر جاء عليك أنت الآن، فتحتمي بربك.
كما استعاذ موسى عليه السلام بربه لما قال فرعون )ذروني أقتل موسى وليدع ربه) فقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب)
فكان من المناسب هنا أن يستعيذ برب الناس ،
 أيضاً الذي يتعلَّق بالاسترحام من الله -عزَّ وجلَّ- أنْ يُقال: ﴿برَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ ۞ إِلَهِ النَّاسِ﴾.
أيضًا من فوائد التفسير:
﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ تتعلق بأي شيء؟
الجواب: تعود على الموسوِس أو الموَسوس له؟
يعني (الْجِنَّةِ والناس) يوسوسون أم يوسوس لهم؟
المسألة فيها خلاف بين أهل العلم وفيها أقوال،
والأقرب والذي أختاره من أقوال أهل العلم أنهم هم الذين يوسوِسون يوحِي بعضهم إلى بعض كما قال تعالى: ﴿شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾[الأنعام:112]، فالذي يوسوس شياطين الإنس وشياطين الجن هؤلاء يوسوسون.
وعلى القول الآخر:
 الذي يوسوس له الجن والإنس، وهذا قول أيضًا صحيح؛ يعني الجن يوسوس للإنس والإنس يوسوس للإنس، والجن يوسوس للجن، كما أنّ الإنس يوسوس للإنس، لكن الإنس لا يوسوس للجن، فالجن المفسد وهم شياطين الجن ؛توسوس: للإنس وللجن؛ لأنّ الجن مكلف.
 فإذًا ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ۞ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ تحتمل الأمرين، والأقرب: أنها أظهر في الموسوِس.
فوائد تتعلق بالعقيدة:
 الاستعاذة: ﴿قُلْ أَعُوذُ﴾ الاستعاذة هنا عبادة لا تُصرف إلا لله، لكن فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ يعني أنت لو وجدت عدوًا، ووجدت منْ يحميك من العدو،
هل يجوز أنْ تستعيذ به أم لا يجوز وهو يقدر على إنقاذك؟
الجواب: يجوز.
قول العلماء: إنّ الاستعاذة عبادة لا تُصرف إلا لله، ما معناها؟
 الجواب: معناها الاستعاذة التي لا يقدر عليها إلا الله، أما أنْ تذهب إلى ميت، أو إلى صاحب ضريح، أو إلى جن، أو إلى هؤلاء أنت تستعيذ بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا من الشرك الأكبر.
 أما إنْ وجدت منْ ينقذك من عدوك، وكان قادرًا على ذلك، فاستعذت به، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «فَمِنْ وَجَدّْ معاذًا فَلِيَعُذْ بِهِ».
فوائد تتعلق بالبلاغة:
قال تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ ۞ إِلَهِ النَّاسِ﴾،
 فالمستعاذ به هو الله -عزَّ وجلَّ- مذكورٌ بثلاث صفات، والمستعاذ منه الوسواس الخناس فقط، المستعاذ به ثلاثة أوصاف لله والمستعاذ منه واحد،
بخلاف سورة الفلق: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ؛ المستعاذ به واحد ﴿رَبِّ الْفَلَقِ﴾.
ثم عمم وخصص ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾: هذا العموم.
 والتخصيص: ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ۞ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ۞ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ وهذا سبق أنْ ذكرناه في سورة الفلق.
تلاحظ أيضًا في سورة الناس على وجازتها ستة آيات، ومع ذلك ذُكرَت فيها كلمة الناس خمس مرات: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ ۞ إِلَهِ النَّاسِ ۞ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۞ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ۞ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾،
هل شعرت بتكرار؟
الجواب: لم تشعر بتكرار!
لأنها ليس من جنس التكرار المذموم، وإنما كل كلمةٌ في موضعها؛
 والسر في ذلك أنّ الاستعاذة هنا من الذي يكيد للناس، ويُدمر الناس، فكان محور حديث السورة عن الناس خمس مرات.
 ولم يستعمل فيها الكناية أو الضمير :(الذي يوسوس في صدورهم )مثلًا، لا، ثم هو ﴿رَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ۞ إِلَهِ النَّاسِ﴾، لم يقل: رب الناس وملكهم وإلههم،
لا، بل: الناس، الناس، الناس، فيها مزيد من إظهار موضوع السورة، وإظهار فضل الله عليهم أنه هو ربهم، وإلههم، وملكهم، هذا ما يتعلَّق بالبلاغة. والله أعلم.
ما يتعلَّق بعلم الأصوات:
 تلاحظ الفاصلة ﴿النَّاسِ﴾ السين، ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ ۞ إِلَهِ النَّاسِ﴾؛ لتعلم أنّ هذا الحرف لامتداد أو لاستمرار المهموس، هذا الحرف الذي يُشغف به الأطفال؛ يعني من أوقع الأصوات في أذن الطفل السين، وسبحان منْ أنزل هذا القرآن، القرآن لم ينزل بنفس الترتيب الموجود في المصحف، قد علم الله -عزَّ وجلَّ- الذي أنزله، وهو يعلم السر في السماوات والأرض أنّ هذه السورة ستكون خاتمة المصحف، وهي السورة التي يبتدئ الأطفال بحفظها في المكاتب.
فجاءت على هذه الفاصلة المحببة المرققة إلى الأطفال، تجد الأطفال يُحب صوت السين، وكل ما فيه صفير، حتى يحب الصفافير يصفر دائمًا، فسبحان منْ أنزل هذا القرآن، بخلاف سورة الفلق التي تتحدث عن الشياطين والحسد والسحرة التي تحتاج إلى القرع والزجر بمنتهى القوة، فهذا في الأصوات،
 هذا وجه ذكره بعض علماء الأصوات وهو متجه محتمل ولكننا لا نجزم به والله أعلم بأسرار كتابه.
فوائد تتعلق بعلم المناسبات
لماذا سورة الناس بعد الفلق؟ ما المناسبة في ذلك؟
الجواب: لأنّ الفلق تحدثت عن العدو الخارجي، شر الخلق، ﴿غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾[الفلق:3] الليل إذا أظلم، الظلام، السحرة، الحسدة، كل هذا عدو خارجي، لكن ﴿الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۞ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾.
فمن المناسب إنّ العدو الخارجي ثم العدو الداخلي.
فما علاقتها بالفاتحة؟
الجواب: الفاتحة أول القرآن والناس آخر القرآن،
الفاتحة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، والأخيرة الناس: ﴿قُلْ أَعُوذُ﴾،
فأول القرآن استعانةٌ بالله، وآخره استعاذةٌ بالله،
الاستعانة على فعل الأوامر وترك النواهي،
وهذا يكون بصرف الشيطان عنك؛ لأنه ألد الأعداء.
ولذلك جيء بثلاثة أوصاف:
- ملك الناس.
- إله الناس.
- وقبلهم رب الناس.
لماذا؟
الجواب: لأنّ الموسوس خطير؛ يعني فمع السحرة، ومع الفجرة، ومع الظلام، ومع الحسدة قال لك: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾[الفلق:1]،
لكن لما كان الشيطان سبب المعاصي والسيئات، والكبائر، والشرك، والفسوق، والبدعة ، فاحتاج استعاذة عظيمة ﴿رَبِّ النَّاسِ﴾، ﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾، ﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾، فاقتضى التركيز والتكرار لمزيد من التضرع والابتهال والتوسل بأخص الأسماء الحسنى والصفات العلا التي تتعلق بهذا الشأن ، والله أعلم.
فضل المعوذتين
المعوذتان تقيان من الشرور الخارجية والشرور الداخلية، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يستعيذ بالله -تبارك وتعالى- بهاتين المعوذتين.
وقال: «مَا تَعَوَّذَ المتعوذون ِبمِثْلِهِنَّ»، حتى في المرض،
حتى إذا أوى إلى فراشه ينفث ويقرأ بالمعوذات،
ويمسح بدنه الشريف -صلى الله عليه وسلم- فما أحرانا أنْ نأخذ بهذه السُنَّة، وأنْ نعلم وأنْ نعرف فضل هاتين السورتين العظيمتين.
نسأل الله -تبارك وتعالى- أنْ يعلمنا ما ينفعنا، وأنْ ينفعنا بما علمنا وأنْ يزيدنا علمًا،
وأن ينفعنا ببركة القرآن العظيم، والله تعالى أعلم،
وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله،
والحمد لله رب العالمين،
والله تعالى أعلم.
-------------------------------------
كتبه فضيلة الشيخ أبي طارق محمود بن محفوظ
|| https://mahfoouz.blogspot.com/||
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق