إعراب وفوائد من سورة قريش

|| إعراب وفوائد من سورة قريش ||
صوتي ||https://b.top4top.net/m_89576x9o1.mp3 ||
مرئي || https://youtu.be/9pwBxcBzT_M||
تحميل بصيغة الـ pdf  ||https://up.top4top.net/downloadf-1090vt8r51-pdf.html ||
#برنامج_مجالس_رمضان1439
إعراب قصار السور... فوائد نحوية، وصرفية ،وبلاغية، وتفسيرية
================================
إِعْرَابُ وَفَوَائِدُ
مِنْ
 "سورة قريش"

كَتَبَهَا
أَبُو طَارِق
مَحْمُودُ مَحْفُوظ


بسم الله الرحمن الرحيم
مدخل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومنْ والاه.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه ...
بسم الله الرحمن الرحيم.
﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۞ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ۞ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ۞ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾.
 ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ.
·       ﴿لِإِيلافِ﴾: اللام جارة؛ حرف جر، مبني على الكسر لا محل له من الإعراب .
·       ﴿إِيلافِ: اسم مجرور باللام وعلامة جره الكسرة الظاهرة ، وهو مضاف.
·       ﴿قُرَيْشٍ﴾: مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة. وظهر التنوين عليه؛ لأنه ليس ممنوعًا من الصرف.
﴿إِيلافِهِمْ﴾: بدل من إيلاف الأولى،
 والبدل يتبع المبدل منه، إيلافِ مكسور أو مجرور بالكسرة،
 ﴿إِيلافِ﴾: مضاف، و ﴿هم﴾: مضاف إليه من إضافة المصدر إلى الفاعل،
يعني: ألفوا هم –فاعل- رحلة، فأضيف المصدر إلى فاعله.
·       ﴿رِحْلَةَ﴾: مفعولٌ به منصوب بالفتحة الظاهرة.
·       ﴿رِحْلَةَ الشِّتَاءِ﴾:
·       ﴿رِحْلَةَ﴾: مضاف، و ﴿الشِّتَاءِ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
·       ﴿وَالصَّيْفِ﴾: الواو عاطفة ﴿وَالصَّيْفِمعطوف على الشتاء مجرور بالكسرة الظاهرة.
﴿فَلْيَعْبُدُوا﴾: الفاء إما للتفريع، وإما واقعة في جواب ما يشبه الشرط، أو واقعة في جواب شرطٍ متوهم -كما سيأتي-
 فاللام لام الأمر، ولام الأمر الأصل فيها أنْ تكون مكسورة ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِه﴾[الفتح:9] ، لكن إذا سُبقت بحرف عطف سكنت، ﴿فَلْيَعْبُدُوا﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا﴾[الحج:29].
فلام التوكيد لام الأمر الأصل فيها أنها مكسورة، فإذا سُبقت بحرف عطف فإنها تسكن.
·       ﴿يَعْبُدُوا﴾: فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف النون؛
لأنه من الأفعال الخمسة،
 والأفعال الخمسة كل فعل مضارع اتصلت به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة؛
 مثل: يعبدون ، تعبدون، يعبدان ، تعبدان، تعبدين،
 فهذه خمسة صور للفعل،
 والأفعال الخمسة تُجزَم بحذف النون، وواو الجماعة فاعل.
إذًا ﴿فَلْيَعْبُدُواالفاء للتفريع، واللام للأمر و ﴿يَعْبُدُوافعل وفاعل.
·       ﴿رَبَّ﴾: مفعولٌ به منصوب بالفتحة الظاهرة.
·       ﴿رَبَّ هَذَا﴾: ﴿رَبَّ﴾: مضاف، و ﴿هَذَااسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
·       ﴿الْبَيْتِ﴾: ما بعد اسم الإشارة يُعرب بدلًا إذا كان معرفةً ﴿هَذَا الْبَيْتِ﴾   ﴿الْبَيْتِ بدل أو عطف بيان؛
·        لأن القاعدة تقول: كل عطف بيان جاز أنْ يُعرب بدلًا، كل بدل جاز أنْ يُعرب عطف بيان إلا في صورتين (ليس هذا موضع تفصيلهما)
·       ﴿الْبَيْتِ﴾: بدل من المضاف إليه مجرور؛ لأنّ البدل من جملة التوابع
يتبع في الإعراب الأسماء الأوَل.... نعتٌ، وتوكيدٌ، وعطفٌ، وبدل.
·       ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾:
·        هذه الجملة هي صفة لرب ﴿رَبَّ هَذَا الْبَيْتِصفته ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ.
·       ﴿الَّذِي﴾: اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ،
·        أو نقول: ﴿رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ۞ الَّذِيهي نفسها النعت، اسم موصول مبني في محل نصب نعت  لـ ﴿رَبَّ، ربَّ الذي فـ ﴿رَبَّمنصوبة، فـ ﴿الَّذِيمنصوبة.
شخص يقول: النعت لا بُدَّ أنْ يكون مشتقًا
فانعت بمشتقٍ كصعبٍ وذرب


وشبهه كذا وذي والمنتسب

 إذًا الجواب في نفس بيت ابن مالك أن يُنعت بالمشتق أو ما يشبه المشتق،
 والاسم الموصول يشبه المشتق ، لأنه مؤول بالمشتق ، الذي أطعمهم= المطعم لهم
·       ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ﴾:
·       جملة ﴿أَطْعَمَهُمْ﴾  أطعم: فعل ماض مبني على الفتح،
 والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على الرب،
وهم: ضمير مبني في محل نصب مفعول به، والجملة ﴿أَطْعَمَهُمْلا محل لها من الإعراب صلة الموصول، أما الموصول نفسه فهو نعت.
·       ﴿مِنْ جُوعٍ﴾: جار ومجرور.
·       ﴿وَآمَنَهُمْ﴾: الواو عاطفة،
·       ﴿آمَنَهُمْفعل ومفعول،
·       والفاعل مستتر تقديره هو، آمن ..هو.. هم، فعل وفاعل ومفعول.
·       ﴿مِنْ خَوْفٍ﴾: جار ومجرور.
......................................................................
﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ.

- أولًا: مسألة الإيلاف ومسألة هذا المطلع من السورة من المطالع المعجزة التي حيرت العلماء والمفسرين
وهي من براعة الاستهلال
فما متعلق الجار والمجرور ؟
قيل: متعلقه السورة التي قبله ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾= ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ
يعني: قضى الله -عزَّ وجلَّ- على أبرهة وجيشه قضاءً مبرمًا =لتعظيم هذا البيت،
 فإذا عُظّم البيت اُحترم سكان الحرم، وألفوا رحلة الشتاء والصيف.
فهذا الإيلاف جاء مسببًا عن ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾
 فـ ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ متعلقة بالآية التي قبلها ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾، هذا هو القول الأول.
بل ذهب بعضهم إلى أنّ سورة الفيل وقريش إنما هما سورة واحدة، وأنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صلى يومًا في الركعة الأولى بسورة التين، وفي الركعة الثانية بالفيل وقريش ولم يفصل بينهما بالبسملة، وقالوا: إنّ في مصحف أُبي بن كعب –رضي الله عنه- الفيل وقريش سورة واحدة.
لكن ثبت عن كثيرٍ ممنْ وصفوا مصحف أُبيٍ أنهما سورتان،
وانعقد الإجماع على ذلك، "ومَنْ علم حُجَّة على منْ لم يعلم"، فسورة قريش سورةٌ مستقلة، وسورة الفيل سورةٌ مستقلة، وإنْ وجد هذا التعلق -فكما مضى معنا في السور الماضية- هناك تناسب بين كل سورة والسورة التي قبلها والسورة التي بعدها؛
 لأنّ الله -عزَّ وجلَّ- هو الذي أنزل هذا القرآن أنزله بعلمه وربط بعضه ببعض في اتساق عجيب وبناء محكم متين كأنه سورة واحدة !
فوجود التناسب لا يمنع استقلالية السورة،
فهي سورة مستقلة مع وجود تناسب، ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ.
- ومن النَّاس مَنْ قال: ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ اللام متعلقة بمُضمر تقديره اعجبوا لإيلاف قريش، اعجبوا أنّ الله -عزَّ وجلَّ- منَّ عليهم بنعمة الإيلاف وهم يعبدون غيره!
 اعجبوا ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ومع ذلك تنكَبوا عبادة الله -عزَّ وجلَّ- وحده......هذا القول الثاني.
- القول الثالث وهو الأرجح:
وهو الذي رجحه الطبري -رحمه الله- أنّ هذا الجار متعلقٌ بقوله تعالى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا ﴿رَبَّيعني ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۞ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ۞ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ
وأصل الترتيب: يعني الترتيب الطبيعي المعتاد= لتعبد قريشٌ رب هذا البيت؛ لأجل أنه آلفهم على رحلة الشتاء والصيف،
 فالأصل هو هذا أصل الجملة: لتعبد قريش رب هذا البيت لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف .
كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاس اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ ﴾ فلأجل أنه خلقكم وخلق الذين من قبلكم وجب عليكم أنْ تعبدوه.
إذًا لتعبد قريش رب هذا البيت لأجل أنه آلفهم على رحلة الشتاء والصيف،
وهذا هو الأرجح، وهذه هي براعة الاستهلال.
وبعض أهل العلم قال: اللام تحتمل كل هذا؛ لأنه ليس بينها تعارض، ما المانع أنْ نقول: أنّ اللام متعلقة بإهلاك أصحاب الفيل ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾، اعجبوا لإيلاف قريش وهم يعبدون غير الله، ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِفكلها محتملة، وكلها مقبولة، وكلها صحيحة وليس هناك نصٌ قاطعٌ على تعيينها.
لذلك قالوا: لم يرجح واحدًا على غيره من هذه الأوجه إلا مفسرٌ واحد وهو الإمام الطبري، هو الذي رجح تعلق اللام بقوله: ﴿فَلْيَعْبُدُوا﴾ أما بقية المفسرين فإنهم يوردون الاحتمالات بلا ترجيح؛ لأنها محتملة.
..................................................................................
ما قصة الإيلاف؟
مسألة الإيلاف:
 قالوا: حدث سنة خمسمائة ميلاديًا؛ يعني قبل ميلاد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بحوالي مائة سنة تقريبًا الإيلاف،
 والذي صنع الإيلاف هم أجداد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هاشم بن عبد مناف، هاشم، والمطلب، ونوفل، وعبد شمس أبناء عبد مناف الأربعة.
 ومعنى الإيلاف :
1. الائتلاف فيما بينهم.
2. الائتلاف الداخلي مع قبائل العرب التي يمرون عليها في التجارة.
3. الائتلاف الخارجي مع ملوك الأرض يومئذٍ:
ملك الروم في الشام، ملك الفرس في العراق، ملك الحبشة، وملك مصر؛
يعني كان هناك الملوك أو الأمم الموجودة في ذلك الوقت: الفرس، الروم، مصر، الحبشة، فاستطاع بنو عبد مناف أنْ يعقدوا المعاهدات: إما بدفع مبلغ من المال لتأمين طريق التجارة والقوافل، وإما بالمعاهدات السلمية من هدايا ونحوها.
المهم تم لهم هذا الإيلاف، وذلك أنهم كانوا قومًا متعبدين؛
 سكان الحرم أهل عبادة، فلم يجروا على عادة العرب في السلب والنهب والإغارة على القبائل، فتعطلت أرزاقهم لأن الرزق كان في ذلك الوقت الإغارة على الجيران،
 الإغارة: تركوها،
 والزرع: هم ساكنون في وادٍ غير ذي زرع عند بيت الله المحرم،
فلا زرع ولا نهب، فما بقي لهم إلا الجوع والخوف!
هم قلةٌ في العدد بخلاف بقية العرب، العرب كثرة، وسكان الحرم قلة،
فجمعهم قصي جد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- جمعهم حول الحرم، كانوا متفرقين هنا وهناك، فهم قلة في العدد، ولا يوجد زرع، ولا يوجد نهب ولا سلب، فما بقيت إلا التجارة.
لذلك قالوا: إنّ فهرًا جد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، فهر هو نفسه قريش ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾
فمن هو قريش؟
ج: هو فهر،
و لماذا سُمي قريشًا؟
1.   قالوا: من القرش، من التقرش،
 والتقرش: التكسب والتجارة، فقريش تصغير من القرش والتقارش الذي هو الضرب في الأرض، والتجارة،
وكان رجلًا خبيرًا بطرق التجارة وطرق الكسب، هذا القول الأول .
2.   القول الثاني: أنه سُمي قريشًا من سمكة القرش،
 وهم يقالون: القَرش بالفتح، والعامة تكسرها تقول: القِرش من مواثبته للأعداء،
وسمكة القرش هي السمكة المفترسة التي لا تُبقِي، تأكل ولا تؤكل، تأكل جميع الأسماك، وتعدو عليهم، وتغلبهم، وتبطش بهم، وتُغالبهم، فسُمي لشجاعته، وصُغِر من باب تصغير الترخيم، فسُمي قريشًا.
حتى قال القائل:
وقُـرَيْشٌ هـي التـي تَسْـكُنُ البحـر


وبهــا سُــمِّيَتْ قُــرَيْشٌ قُرَيْشَــا

تــأكل الغـثَّ والسـمين ولا تـترك


فيــه لــذي الجَنــاحَيْن رِيْشَــا

هكــذا فـي الكتـاب حـيُّ قـريشٍ


يـــأكلونَ البــلاد أكــلًا  كميشا

ولهــم فــي آخـر الزمـان نبـيٌ


يُكْــثِرُ القَتْــلَ فيهــمو والخُمُوشَـا

هذا مذكور عن الجمحي، يعني يبين سبب تسمية قريش.
(وقُـرَيْش هـي التـي تَسْـكُنُ البحـر): تبقى سمكة القرش، (وبهــا سُــمِّيَتْ قُــرَيْشٌ قُرَيْشَــا):
 إما سُمي من سمكة القرش ،
أو من المقارشة  التي هي التجارة والتكسب،
وربما والله أعلم تكون المسألة لها علاقة بالقرش-العملة المصرية المعروفة-،
يقولون : فلان هذا يعرف يجيب القرش –يعني يعرف طرق التكسب،
 أو القرش نفس العملة، لكن أنا بحثت في المعاجم فلم يسعفني معجم،
 هل هناك علاقة بين القرش العملة المعروفة في مصر في الزمن الماضي  وبين مادة التقرش وهي التكسب؟
العلاقة واضحة، لكن لا يوجد سند علمي أو معجمي، فهذه قريش.
والإيلاف: كان بعده، فهذا قريش الأب الكبير الخاص بهم (أبوهم)، ثم النسل الخاص به حتى وصلوا إلى الأربعة بنو عبد مناف: هاشم، والمطلب ولد أخيه ؛
 لأنّ عبد المطلب هذا ابن أخيه،
 هاشم والمطلب إخوة، وعبد شمس ونوفل، هؤلاء أربع إخوة،
هم الذين قاموا المعاهدات مع ملك الفرس، وملك الحبشة، وملك مصر، وبدأوا يذهبون ويرجعون في الرحلة التي عُرفت برحلة الشتاء والصيف.
رحلة الشتاء إلى اليمن، رحلة الصيف إلى الشام إلى بصرة، ومات هاشمٌ في غزة في فلسطين، ومات المطلب في اليمن؛ يعني كانوا أصحاب تجارات وضرب في الأرض، واستطاعوا في ذلك الوقت أنْ يجعلوا من مكة هي حاضرة التجارة في العالم كله، حتى كانت الحبشة تأتي عن طريق البحر الأحمر إلى جدة، وتنزل البضائع وهم يذهبون بالحمير والخيول ويأخذون هذه البضائع.
كما قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا﴾[القصص:57] الآية.
إذًا فهذه الرحلة والتي سُميت بالإيلاف (إيلاف قريش)
حتى قالوا: إنّ لو شخص من التجار يريد أنْ يذهب ويرجع في أمان،
كان يوجد الصعاليك، والسطو، وقطع الطرق، والأخذ إلا قريش حماها الله بالبيت، وقد وَقَر في قلوب العرب تعظيم البيت، وسكان البيت، وأهل البيت، وأهل الحرم، هذا قبل حادثة الفيل.
حادثة الفيل في عام مولد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- والإيلاف كان قبله بمائة سنة تقريباً، ما معنى العلاقة ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ هذا إشكال أيضًا ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ معناه: أنّ الإيلاف نتج بعده، وهذا خلاف التاريخ.
فيكون المعنى: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ لتقوية الإيلاف، لتقويته، وتدعيمه، واستمراره، وحمايته لا لابتدائه وإنشائه –والله أعلم-
 وأصبحت القافلة -إلى رحلة الشتاء والصيف- يخرج فيها أكثر من ألف بعير، كقرية متحركة فيها الحرس، وفيها الزاد والأزواد، وفيها تجار آخرون آخذون مثل حق التجارة، أو آخذون الإيلاف؛
يعني آخذين مثل ترخيص أنهم يسيروا معهم، وإلا فالعرب لا تُعظم إلا هذا الحي، ولا تعرف إلا حرمة البيت، فوجد تجار العرب فرصة آمنة مع هؤلاء –أصحاب الإيلاف- ،
فيذهبون معهم ويأخذون عليهم إتاوات لا يوجد مشكلة، فأنا أؤمنك وأنت تدفع.
ثم جعلوا التجارات في مواسم، سوق عكاظ أصله تجاري، وسوق ذي المجنة، المجنة هو ذي المجاز، هذه الأسواق قبل موسم الحج، وهذه جدة يأتوا لها من ناحية البحر من ناحية الحبشة، وهذه رحلة الشتاء والصيف يحضروا الفواكه من الشام، والزبيب، والأقمشة، والحبوب، والحنطة، والشعير، ويذهبوا إلى اليمن فيأتون بالأقمشة والسيوف اليمانية، والحبرات اليمانية، وجميع المشغولات، ويحضر ويضع هنا، وموسم الحج.
يعني أصبح أكبر مركز تجارة عالمي في العالم القديم هو مكة، نعمة عظيمة جدًّا؛ ولذلك ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ لماذا؟
لأمرين:
لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف.
ولأنه أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف.
أيهما أهم؟
ج: الإيلاف،
 فبدأ به، انتبه، فالله -عزَّ وجلَّ- أنعم عليهم بنعمتين عظيمتين، بل بنعمٍ لا تعد ولا تُحصى، فبدأ بأهمها الإيلاف إما الإيلاف فيما بينهم وبين العرب؛ ولذلك لو فكر أحد اللصوص وذهب يعتدي على قافلة لقريش فإنه يدفع الثمن غالياً من سيده،
 سيده يعاقبه؛ لأنه قابض –كما يقال-،
فطبعًا استطاع هؤلاء بنو عبد مناف أنْ يأمنوا الطرق بهذه الطريقة.
حتى قال القائل:      
يا أَيُّها الرَجُلُ المُحَوِّلِ رَحلَهُ


هَلّا نَزَلتَ بِآلِ عَبدِ مَنافِ

الآخِذونَ العَهدَ من آفاقِها


وَالراحِلونَ لِرحلَةِ الإيلافِ

(الآخِذونَ العَهدَ من آفاقِها): فأخذوا العهد من هنا وهنا وهنا، (وَالراحِلونَ لرحلَةِ الإيلافِ) والذي اضطرهم إلى ذلك -مثلما قلنا- لم يكن هناك سلب ولا نهب أصبح محرما، ولا يوجد زرع ﴿بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ فلا بُدَّ من التجارة.
مروا بأوقات من الجوع حتى أكلوا العظم المحرق والجلود، يعني كان جوع عظيم وخوف عظيم من قلة العدد، لكن الله -عزَّ وجلَّ- شيئًا فشيئًا أقر في قلوب النَّاس المحبة لهم وتعظيم، لا سيما بعد حادثة الفيل.
لذلك قال:
الخالِطونَ فَقيرَهُم بِغَنِيِّهم


  حَتّى يصير فَقيرُهُم كَالكافي




في بداية رحلة الإيلاف وصنفها الأجداد الأربعة هاشم وأخوته قال: أنّ كل بيت في قريش كل بيت، كل رجل له اثنين يطلعوا يدفعوا فلوس، يعني كانت هذه الرحلة القبيلة كلها تدفع فيها، جميع القبيلة قريش يدفع، ولو سيدفع دينار واحد أو درهم يدفع، ويكون له سهم، انتبه، كان نظاما عجيبا، لم يكونوا جماعة يذهبون تجاراً متفرقين ويرجع كل واحد بمفرده، كل واحد على كيسه-كما يقال-،
 لا.
المال موحد، وكل دافع، وكل له أسهم، ثم يذهب يتاجر، ثم يأتي يوزعه على الكل على الفقير والغني.
الخالِطونَ فَقيرَهُم بِغَنِيِّهم


  حَتّى يَعودَ فَقيرُهُم كَالكافي

هذه رحلة الإيلاف.
ولذلك بنو أعمامهم عندك قريش، قريش هو فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، كنانة أخوه أسد، فبنو أسد لم يكن لهم العهد، العرب لا تعرف التعظيم إلا لهذا الحي من قريش، فقال قائلهم الذي هو يُخاطب بني أسد:
زَعَمْتُمْ أَنْ إخْوَتَكُمْ قُرَيْشٌ


لهم إلفٌ وَلَيْسَ لَكُمْ إلاَفُ

أولئك أومنوا جوعًا وخوفًا


وقد جاعت بنو أسدٍ وخافوا




إذًا قريش فقط هي التي لها الإلف؛ وهو الإيلاف
ولذلك قُرأت لإلف قريشٍ إلفهم،
 فهي من ألف إلفًا، مثل علم علمًا،
ومن ألف إلافًا مثل كتابًا،
 ومن آلاف إلافًا مثل آمن إيمانًا،
 فيكون لإلف قريش لرحلة الشتاء والصيف، الإلف الذي هو أنهم ألفوا هذه الرحلة، واستسهلوها، وأَنسوا بها، وأصبحت متعة معهم؛ ولذلك سماها رحلة.
   ولا توجد كلمة (رحلة) في القرآن كله إلا في هذه السورة!
 هذه السورة اشتملت على بعض المفردات نادرة الوجود في غيرها من السور لا سيما في الفواصل :
منها كلمة رحلة، الرحلة هنا تدل على المتعة؛ مع أنّ هذا سفر تجارة، وسفر التجارة معروف أنه ذاهب مأمورية مثلما يقولوا: ونصب وكد وتعب، لا، هذه رحلة من شدة الإلف، ألفوها وأنسوا بها.
لإلاف قريش، وأصلها إءلاف، اجتمع همزتان في صدر الكلمة الأولى متحركة والثانية ساكنة، فتبدل الثانية حرف مد من جنس حركة ما قبلها، الأولى مكسورة فتكون الثانية تُبدل ياء، إءيمان إيمان، إءثار تكون إيثار، إءلاف إيلاف، فأصلها من آلف.
الآلف من الألف أو من التأليف، من الألف يعني هم ألفوا الرحلة، لماذا ألفوها؟ لأنهم أقاموا التأليف، فهو إذا لم يرتب أحواله فينتظر يد يضع يده على مؤخرة السيف ينتظر أي شخص يعارضه، لكن هذا ذاهب للمتعة، فيكون مأمن طريقه، فالإلف لازم للألاف، والإلف التأليف، تعاقدوا مع الملوك أنفسهم أو مع أتباع الملوك الذين هم واقفين على الحدود وعلى التخوم التي بينهم وهكذا.
أصبح لهم مركز مرموق في العالم كله في ذلك الوقت، فنعمة عظيمة، وهذه من النعم التي يعددها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على قريش، النبيّ قرشي، والقرآن نزل عليهم، والخلافة في قريش، والسقاية والرفادة والحجابة كلها في قريش، وفيهم الإلاف، والله -عزَّ وجلَّ- أهلك أصحاب الفيل على مرءٍ منهم، هذه سبع أمور اختص الله بها قريشًا دون غيرها من القبائل.
..................................................................................
﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ يعني: لأجل إيلاف قريش،
 والمقصود: ﴿إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾
وهذا أسلوب التفصيل بعد الإجمال، ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۞ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ هل هذا الأسلوب وارد في لغة العرب؟
نعم، وارد في لغة العرب قال امرؤ القيس: (ويَـوْمَ دَخَـلْـتُ الـخِـدْرَ ؛ خِـدْرَ عُـنَـيْـزَةٍ
ففي البداية يحضر لك الكلمة، ثم يعطي لك البيان بعدها.
ويَـوْمَ دَخَـلْـتُ الـخِـدْرَ خِـدْرَ عُـنَـيْـزَةٍ


فَـقَالَـتْ: لَكَ الـوَيْـلاَتُ! إنَّـكَ مُـرْجِـلِـي

قال أخونا الشيخ أسعد الطويل أبو إبراهيم –بارك الله فيه- –قديما عندما كان يقول الشعر-:
ذَهبتْ تحضرُ ثومًا ..


تركتْ نارًا تهوي... تهوي ..في البيت!!

 فالشاهد: (تركت نارًا تهوي... تهوي في البيت)
 (ويَـوْمَ دَخَـلْـتُ الـخِـدْرَ خِـدْرَ عُـنَـيْـزَةٍ)
﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۞ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾
هل يوجد في القرآن آية أخرى مثلها؟
في واحدة ثانية: ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ ۞ أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ﴾[غافر:36،37].
فالتفصيل بعد الإجمال، ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ
 أصلها: لإيلاف قريشٍ رحلة الشتاء والصيف،
 فلماذا لم يقل [لِإِيلافِ قُرَيْشٍ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ]مباشرة ؟
 هذه قمة البلاغة، النفس تتشوق ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ
نقول: يا أيها النَّاس أحسنوا... أحسنوا إلى الفقراء،
 الأول: أحسنوا،
 فكأنك تتساءل: أحسن لمن؟
 وكيف؟
فيأتي التفصيل بعد أن تشوقت إليه النفس:
 أحسنوا إلى الفقراء.
﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۞ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾
والله أعلم.
...................................................................................
فهنا ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ما هذه العلة؟
لأجل أبيك ذاكر،
 لأجل أنني أحسنت إليك أطعني،
 فيذكر الامتنان من أول الكلام ﴿لِإِيلافِ
ثم الامتنان بـ ﴿قُرَيْشٍ
ثم التطويل بـ ﴿إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾
ولم يقل لك ما هو المطلوب،
فهذا فيه الإثارة، وفيه التشويق، وفيه براعة الاستهلال ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ.
عرفنا مَن قريش، وعرفنا الإيلاف، وقصة الإيلاف وأنه من أعظم نعم الله على قريش قبل الإسلام.
﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا﴾[القصص:57]
 والآية الثانية ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاس مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾[العنكبوت:67]،
﴿حَرَمًا آمِنًاالعرب كلها كانت قائمة على السلب والنهب والإغارة،
  بين خوف وجوع، فهذه نعمة عظيمة من نعم الله،
 وهذا كله بسبب ﴿ هَذَا الْبَيْتِ﴾، والذي أنتم ترونه ،
والذي حصل للبيت من أبرهة.
 ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ ...﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾.
ترابط عجيب بين السورتين،
 والعلة كلها:
هذا البيت الذي جعله الله حرماً آمناً،
ماذا لو لم يوجد كعبة في مكة،
 أين سكان الحرم؟
لا يوجد،
 ولا يوجد أبرهة ولم يحدث شيء،
 فلا يوجد رحلة شتاء، ولا إيلاف قريش، ولا أطعمهم من جوع، ولا آمنهم من خوف، فالنعمة التي دارت حول هؤلاء جميعًا هذا البيت،
ولذلك ذكرهم بذلك فقال ﴿رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾
 ولم يقل: فاعبدوا ربكم،
كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾[البقرة:21].
يعني :أنتم معظمون للبيت، وعارفون قدر البيت،
فكيف تكفرون برب البيت!

..................................................................................
﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ اللام جارة...
 لكن هل هي تعليلية،
 أم هي لام العاقبة؟
قولان للمعربين:
1       - منهم منْ قال: هي لام التعليل؛
2       يعني ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ لعلة ﴿إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾
أي: كما أنعم عليهم بنعمة الإيلاف، فيجب عليهم أنْ يفردوه بالعبادة،
فاللام على هذا القول تعليلية سببية.
2-  هي لام العاقبة،
 فكأنه قال في سورة الفيل في آخر آية ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾
يعني: دمر جيش أبرهة، فكانت العاقبة ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ لتأتلف القلوب على قريش، لتأتلف قلوب قريش في نفسها، ثم قلوب النَّاس عليهم.
..................................................................................
﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۞ إِيلافِهِمْ﴾ الأمر قد يكون فيه وقف، علم الوقف والابتداء علم واسع، وأنا بحثت لم أقف على شيء، هل أحد من القُراء وقف عند ﴿إِيلافِهِمْ﴾ فيكون ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۞ إِيلافِهِمْ﴾.
سورة قريش هي أربعة آيات، وقيل: خمس آيات، لكن الآية الخامسة ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ فهذه مسألة العد الكلمات واحدة.
  الفواصل:
 ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾
 ما هي الفاصلة؟
آخر حرف من آخر كلمة من كل آية، فهذا يُسمى الفاصلة، في الشعر يُسمى قافية، وفي النثر سجعة، لكن في القرآن فاصلة تمييزًا لها عن غيرها.
هل هناك آية أخرى في كتاب الله تنتهي بهذه الفاصلة الشين؟
1. ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾.
2. ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ﴾
لا غير.
 الشين حرف مهموس، و من صفاته التفشي، فهو حرف ضعيف.
فانتبه، الشين حرف ضعيف، القرآن كله لا يوجد غير آيتين فحسب؛
 الفاصلة فيها بالشين ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾!
 دع هذا الآن ... وابنِ عليها الآتي،
انظر في الآية التي بعدها ﴿إِلافِهِمْ﴾ تلاحظ الياء ليست موجودة!
 أجمعت المصاحف على عدم كتابة الياء،
المصاحف العثمانية كلها، لا الشامي، ولا البصري، ولا الكوفي، ولا المدني، ولا المكي،
 الياء هذه ليست مثبتة في أي مصحف من المصاحف مع أنها ثابتةٌ في القراءة !!
فكيف ذلك ؟
الجواب :بالتلقي؛  هذا دليل على أنّ القرآن بالتلقي.
 انتبه،
 ﴿لِإِيلافِ﴾ الأولى فيها ياء، هي نفس الكلمة [إلافهم] لا يوجد فيها ياء، كلاهما ينطق نطقاً واحداً، بل نحن لم ننتبه قبل ذلك لهذا الأمر
 لأنّا  نحفظ، فالحفظ يسبق، نحن لم نلاحظها إلا الآن عندما قرأناها،
لأنّ الرسم العثماني له خصائص معينة، فبعض الحروف تُنطق ولا تُكتب، وبعض الحروف تُكتب ولا تُنطق، فمن الحروف التي تُنطق ولا تُكتب هذه إلافهم، نطقنا الياء ولم نكتبها.
الله فيها ألف، الرحمن فيها ألف، تُنطق ولا تُكتب، وهناك حروف تُكتب ولا تُنطق مثل أولئك، فالذي يقرأ بدون حفظ الذي هو المصحفي،
 لا تأخذ القرآن من مصحفي؛ لأنه حفظ من المصحف فيقول لك: أوولئك،
فيظن أن القراء المشايخ مقصرون لا يعرفون!!
 في قوله تعالى: ﴿سَأُورِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾[الأعراف:145]
 فيها واو لكنها لا تنطق، وآيات أخر حروف تُكتب ولا تُنطق، هذا من أحكام الرسم العثماني.
﴿إِلافِهِمْ﴾ قلنا: بدل من ﴿إِيلافِ﴾ الأولى، ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۞ إِيلافِهِمْ﴾
 فإيلاف هذه هي تلك؛
لأجل إيلاف قريش = بسبب أنّ الله -عزَّ وجلَّ- آلف إيلافاً،
وألِف = من ألِف إلفًا،
فإيلاف = من ألف أو آلف ..
 فلو أنها من ألف يكون أهل قريش هم الذين ألفوا الرحلة،
 ولن يكونوا ألفوها إلا أنّ الله -عزَّ وجلَّ- يسرها لهم،
 وأنّ الطريق أمان، والدار أمان، والحياة رغد، وعيشة هنية، فألفوها.
ولو أنها من آلف هذه فاعل، فيكون المعنى آلفهم الله إياها،
آلاف إلافًا،
 فيكون ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ أي لأجل إيلاف قريش ..أيش؟
 الجواب لم يتضح إلى الآن !
هذا نوع من التشويق،
ومثلما قلنا: هي من براعة الاستهلال التي حيرت المفسرين ،
هل المقصود اعجبوا لإيلاف قريش أنّ الله آلفهم رحلة الشتاء والصيف، وهو يعبدون غيره؟ أم ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ لأجل إيلاف قريش؟
أم ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ وكانت العاقبة صار الإيلاف لقريش،
 أم ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ لأجل إيلاف قريش أنّ ربنا ألف عليهم القلوب.
المعاني كلها محتملة،
وهذا من إعجاز القرآن اختزان واكتناز المعاني،
وتجد الأمر العجيب ﴿تَحَاضُّونَ﴾[الفجر:18]
 يحضّون  فيها اكتناز المعاني في الكلمة الواحدة،

 ورأينا من إعجاز القراءات لعلنا نتعرض له في مقامات أخر؛ لأنّ القراءتين للآية الواحدة كأنهما آيتان، إما معنى يؤيد معنى، وإما معنى يختلف عن معنى، لكن لا يعارضه وهذا الإعجاز.
على كثرة القراءات إنها لا تجد آية تعارض آية، ولا قراءة تعارض قراءة، بل تخدمها أو تضيف معنىً آخر ليس موجودًا في القراءات الأخرى، فالقرآن لو كتب بالقراءات كله كان سيحتاج كم من المصاحف؟! كم ممن الورق؟! لو ستكتب القراءات العشرة المتواترة برواتها كلها؟
لكن هو مصحف واحد، والكلمة الواحدة تُقرأ على وجوه، وطبعًا القراءات فيها الشاذ وغير الشاذ،
نرجع إلى ما نحن بصدده..
قلنا هنا: لإلف قريش وهذا في الشاذ، لإلف قريش بلا ألف، ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ
 وطبعًا هذه القراءة فيها من هذا المد الذي يدل على الرخاوة والامتداد الذي عاشت فيه قريش.
 في ظل أنّ النَّاس يتخطفون من حولهم، في ظل الجوع والضنك والخوف الذي مُنيت به العصور في ذلك الوقت، وهم يرتعون في هذا العيش الرغيد الهنيء الذي قد تشير إليه الياء،

قد يقول قائل:
هذا الكلام عن الفاصلة والإحصاءات التي تذكرها ليست موجودة عند الطبري ولا ابن كثير، يعني السلف لم يتكلموا فيها!
يعني هي بدعة !!
والجواب:
 أنّ الله أمرنا أنْ نتدبر هذا القرآن، ليس معنى ذلك أنْ نقف عند تفسير الطبري فقط،
 لا،
اللغة تحتمل،
الواجب والضابط: أنك لا تأتي بتفسيرٍ يعارض تفسير السلف،
أو أنْ تأتي بتفسيرٍ باجتهادك وتجزم أنّ الله أراده،
لكن تفسير يتواءم مع كلام السلف، وفيه معنىً لم ينص عليه السلف، فهذا لا بأس به
وهذا سر تجدد إعجاز وحلاوة القرآن ،
وجدته فيبقى جديداً على مر العصور وكر الدهور..
................................................................................
   ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ بهذه الفاصلة، ﴿إِيلافِهِمْ رِحْلَةَطبعًا المصدر يعمل عمل الفعل، فالمصدر ممكن يرفع الفاعل وينصب المفعول، لكن لما يأتي بعده الفاعل أو المفعول يبقى مضاف إليه، ﴿إِيلافِهِمْ مصدر، والمصدر هذا أعربناه أنه بدل من إيلاف الأولى هذا بدل، وهو مصدر، وهم مضاف إليه، ﴿رِحْلَةَ هذا المنصوب هو مفعول به.
فعندي الفاعل هو المضاف،
 وأصل الكلام: آلف الله هم رحلة،
يبقى هذا ينصب مفعولين،
 أو ألفوا أو آلفوا هم رحلة،
 يبقى ينصب مفعولًا واحدًا،
فعلى كل الأحوال ﴿رِحْلَةَ﴾: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.

﴿رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ قلنا: رحلة الشتاء في اليمن في الدفء،
ورحلة الشام في الجو المعتدل،
الشتاء أصلها من شتا، يشتو، شتاو،
مثل سما، يسمو، سماو،
 تطرفت الواو إثر ألف زائدة فتقلب همزة، شتاء
﴿رِحْلَةَ الشِّتَاءِ﴾ هذه فائدة صرفية؛
لأنّ في النهاية بضع كلمات في سطرين ونصف فيها علوم الدنيا والآخرة.
تجد علم النحو، وعلم الصرف، وعلم التجويد، وعلم القراءات، وعلم الصوتيات، وعلم البلاغة وأبواب البلاغة المتعددة بما فيها التقديم، والتأخير، والحذف، والذكر، والتشويق، والتفصيل بعد الإجمال، والفصل، والوصل إلى آخر هذه العلوم اُكتنزت في سطرين ونصف، وتحدى الله -عزَّ وجلَّ- الإنس والجن أنْ يأتوا بمثلها.
وكنا قد أشرنا إلى أنّ التحدي بقصار السور كالتحدي بالطوال، فعجز العرب لم يقدروا يحضروا ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ ولا سورة البقرة،
فكان عجزهم عن الكوثر كعجزهم عن البقرة تمامًا،
يعني ليست الكوثر سهلة كلمتين ممكن يمشوا فيها قليلًا، لا، ولا حرف، ولا تقدموا قليلًا، ورأيت المهزلة التي فعلها مسيلمة لما قال: إنا أعطيناك الجماهر، فصلِّ لربك وجاهر، إنا شانئك لعبدٌ فاجر أو لرجلٌ فاجر، فكان مهزلة، كلام ليس له معنى، وكلام سيء، فهو أخذ الصورة الظاهرة وسرق من القرآن وغير كلمة وعمل نفسه، هذا ليس القرآن.
ولذلك لما قابله عمرو قال له: "والله، إنك لتعلم أني أعلم أنك كاذب"، فنحن نفهم بعض، وهذا ليس قرآن، لكن الرجل الذي قال بصدق وليد بن المغيرة:
 "إنّ له لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنّ أعلاه لمثمر، وإنّ أسفله لمغدق، وأنه ليعلو ولا يُعلى عليه، وأنه ليحطم مع تحته"
 هذا هو الذي عبر التعبير الصحيح لكن بينهم وبين بعض.
لكن قدام النبيّ يقول: ساحر ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾[المدثر:24]،
شاعر مجنون هذا في الإعلام الخارجي، لكن بينهم وبين بعض يتسارقون ويتلصصون وفي الليالي يذهبوا يسمعوا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾[الأنعام:26]، على أساس أن ﴿يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾
قالوا: لو النَّاس سمعت فقط مجرد القرآن ستؤمن ضربة لازب، لا يوجد فيها جدال.
 وقالوا: ﴿لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾[فصلت:26]،
 ما هي الغلبة؟ أنْ لا يسمع، أنّ لو استطعنا أن النَّاس لا تسمع كلام القرآن، فنكون نجحنا وغلبنا، نتهزم إذا سمعوا القرآن مجرد السماع، العرب غيرنا هذه الكلمات تقع موقعها في قلوب العرب، تنزل -مثلما قلنا- في مبايت في القلب، تنزل الحروف، والأصوات، وصفات الحروف، ومقاطع الكلمات، فضلًا عن المعاني، والإخبار بأنواع الإعجازات الأخرى، الإخبار بالغيوب، والإخبار بالعلوم التي لم يُكشَف عنها إلى الآن.
   ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۞ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ﴾
 قلنا: ﴿رِحْلَةَ﴾ لم ترد في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع، 
﴿لِإِيلافِ لم ترد في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع،
﴿قُرَيْشٍ﴾ لم ترد إلا في هذه السورة،
﴿الشِّتَاءِ ﴾ لم ترد إلا في هذه السورة،
﴿ وَالصَّيْفِ﴾ لم ترد إلا في هذه السورة،
سورة عجيبة!
سورة متفردة!
 ﴿ رِحْلَةَ﴾ ولم يقل: [بعثة] أو [سفرة]
بعض علماء الصوتيات وقف هنا فقال: البعثة أو الرحلة بمعنى واحد
لا،
 حروف الكلمة مطلوبة...مقصودة...بصفاتها ومخارجها .. .
بحيث لا ينوب عنها غيرها.. ولا يقوم مقامها سواها...
 الراء بتكرارها،
والحاء، واللام بسهولتها ورنينها
﴿رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾
.................................................................................
..................................................................................
لما قدّم الشتاء على الصيف؟
 لماذا لم يقل: رحلة الصيف والشتاء؟
أولًا: رعاية النظم ؛
 لذلك تجد في القرآن نغماً داخلياً،
 نغم بمعنى الطرب عند سماع القرآن،
فبعض المقرئين الذين أوتوا مزماراً وجمالًا في الصوت مع الإتقان والخشوع،
 يكاد القلب يطرب، ويتراقص،
بل يكاد يقفز خارج الصدر !
 لا يشبع من سماع القرآن!
هذا من معنى "إنّ له لحلاوة"
  ليست جديدة...
 لو كنت حافظاً للقرآن ونسيت كلمة منه في القراءة لوجدت خللاً في أذنك ،
ونبواً في سمعك ! سر عجيب !
الذي يريد أنْ يسترجع هذه الكلمة يلغي تفكيره لحظة ويبدأ يردد،
يجد لسانه أتى بها دون شعور،
 الذي يقف في آية يأتي بالقراءة من أولها؛ لأنّ رص الكلمات في القرآن عجيب ،
فكل كلمة تكاد تنادي على أختها التي بجانبها... وتدل عليها... وتنم عليها ...
حتى إن الأذن لتكاد  تسمعها قبل أن ينطق بها اللسان !!!
الكلام فيه مقاطع، فالكلمة موزونة، والجملة موزونة،
 يوجد وزن داخلي في النظم الشريف-ليس كوزن الشعر- طبعاً-
 إلى الآن لم يُكتشف ولا تعرف قواعده،
 لكنه يُحس!!
 ( إن له لحلاوة...وإن عليه لطلاوة)
  وأنت ترى الأعاجم أو الكفار عندما يسمع شيئاً من القرآن تراه متأثراً مأخوذاً مشدوداً  !
 يشعر أنّ هذا الكلام فيه جلال، وفيه عمق،
أنه يخاطب النفس في أعماقها.. ويسري في مساربها..
ويحس أنّ هذا ليس من جنس كلام البشر،
-       مع أنّه   أعجمي لا يفهم المعنى-،
وإذا كان لا يفهم المعنى ، فما الذي يشده ويحدث فيه هذا الأثر القوي ؟
جَرْس الألفاظ، صوت الحرف يحس ..
الذي خلق القلب هو الذي أنزل القرآن، فالحروف لها (مرابض) في القلب...!
 كل كلمة تأوي إلى (مستقرها) في القلب.. من غير شعور!!
القرآن يُخاطب حتى اللاشعور،
القرآن فيه إعجاز نفسي،
وإعجاز صوتي،
وإعجاز لغوي،
وإعجاز معنوي، وغير ذلك ،
وهو كتاب هداية في المقام الأول ،
لكنه إعجاز للعالمين ،حتى لغير العربي فهو إعجاز له،
ولو سمعه يعلم أنّ هذا الكلام مختلف عما يقوله الناس...
 هذا شيء معروف، ومشاهد، ومحسوس...
 "قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ
إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا"
......
﴿رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾
لماذا قدّم الشتاء على الصيف؟
بدايةً:
أيهما أضر على الإنسان الحر أم البرد ؟
الجواب: الأضر على الإنسان البرد بلا شك،
قيل: كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا حضر الشتاء تعاهد أصحابه،
 وكتب لهم بالوصية:
 "أن الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب،
 واتخذوا الصوف شعارًا ودثارًا، فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه"
وقال بعض السلف: "الشتاء عدو الدين، وهلاك المساكين".
يشير إلى أنه يثبط عن كثير من الأعمال ، فتكسل النفوس بذلك،
وقد قيل: الحرّ يؤذي والبرد يقتل!
وقال أحد الأدباء القدامى:
" الشتاء عند الناس هو الكلْب الكلِب ، والعدو الحاضر،
 يُتأهب له كما يُتأهّب للجيش، ويُستعدّ له كما يستعَد للحرَق والغرَق".
وقيل: الشتاء عذاب وبلاء، وعقاب ولأواء، يغلظ فيه الهواء،
 ويستحجر له الماء، وتنحجر الفقراء،
 وما ظنك بما يذوي الوجوه، ويعمش العينين، ويسيل الأنوف،
 ويغير الألوان، ويقشف الأبدان، ويميت كثيراً من الحيوان،
 فكم فيه من يوم أرضه كالقوارير اللامعة، وهواؤه كالزنابير اللاسعة،
 وليل يحول بين الكلب وهريره، والأسد وزئيره، والطير وصفيره، والماء وخريره.
قال الأصمعي: "كانت العرب تسمي الشتاء الفاضح،
 فقيل لامرأة منهم: أيما أشد عليكم القيظ أم القرّ؟ قالت: سبحان الله، مَنْ جعل البؤس كالأذى؟!
فجعلت الشتاء بؤسًا والقيظ أذى".
 قال أبو عمرو بن العلاء-رحمه الله-:
 "إني لأبغض الشتاء لنقص الفروض، وذهاب الحقوق، وزيادة الكلفة على الفقراء".
قال أحد الكتاب:
ومن أمثال العوام:
( ترقد بردان تصبح مرضان ، ترقد دافي تصبح متعافي )
حكمة مثبته عملياً وعلمياً فالتعرض للبرد يصيب بأمراض عدة ،
سواء كان ذلك أثناء الصحو أو النوم ،
  وأمراض البرد كثيرة منها:
 الزكام، والتهابات الحلق واللوزتين، والسعال، والانفلونزا، والنزلة الشعبية، والالتهاب الرئوي،
 والربو، وآلام الأسنان والتهابات العضلات والجهاز الهضمي، والروماتيزم،...
 اتقاءه يتطلب قدراً كبيراً من الاستطاعة المادية ،
 بينما الحر لا يكلف الناس شيئاً لمقاومته سوى ظل شجرة  في مهب الريح" !
لذا أقول: الصدقة ببطانية أو لحاف في الشتاء أفضل من مروحة في الصيف؛
 لأن الحاجة لها أشد،
تنبيه لكل نبيه
ليس معنى هذا عدم وجود فضائل للشتاء !
بل فضائل الشتاء كثيرة ،فهو غنيمة المؤمن ؛ قصر نهاره فصامه ، وطال ليله فقامه !
وغير ذلك ...
ولكن كلامنا –ههنا- على أن ضرر البرد أقسى من ضرر الحر .
فكان امتنان الله -عزَّ وجلَّ- عليهم أنّهم في الشتاء حيث يهربون من برده القارس إلى دفء اليمن،
فنعمة الله عليهم بدفع البرد أظهر فقُدم الشتاء على الصيف ،
 فالشتاء أهم؛ لأنّ النعمة فيه أعظم  ،
إضافة إلى رعاية الفواصل " قريش...الصيف ...البيت ... خوف ..."
والله تعالى أعلم.



﴿رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِالفاصلة هنا الفاء،
كم فاصلة في القرآن بحرف الفاء؟
 هذه من عجائب هذه السورة ...ثلاث فواصل فقط
ثنتان في هذه السورة وحدها !
﴿  وَالصَّيْفِ   ﴾  ،   ﴿ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ وموضع ثالث أخير في الذاريات
 ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ۞[الذاريات،10]
وتوجد رابعة لكنها مختومة بالتاء بعد الفاء ﴿وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ﴾[الغاشية:15]
إذًا الفاصلة بالفاء تعتبر من مميزات هذه السورة في عموم القرآن فلا توجد فاصلتان بالفاء في سورة واحدة إلا في هذه السورة!
بل فيها الثلثان من فواصل الفاء في القرآن كله !
 والفاء حرف ضعيف ،بالإضافة إلى الشين ، وكلاهما في هذه السورة !!
هذا الأمر ليس عشوائياً ،فلا مجال للعشوائية في كلام الله تعالى .. ليس الأمر عشوائيًا، فالشين في ﴿قُرَيْشٍ﴾ حرف ضعيف مهموس،
كذلك الفاء حرف ضعيف جدًّا،
 ولا يوجد غير هؤلاء الثلاثة، اثنان في هذه السورة و ﴿مُخْتَلِفٍ﴾ في الذاريات
 وهو يدل على الضعف حتى في ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ والمختلف ضعيف،
 ﴿وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ﴾ فالنمارق البسط كذلك مصفوفة، يلاحظ فيها الضعف واللين،
 الفواصل هنا حروف ضعيفة مهموسة الشين والفاء،
ولذلك الذي يريد أنْ يرفع صوته بهذه الحروف فليضع بجوارها من الحروف المجهورة ما يحقق الغرض.
﴿لِإِيلافِ فيها فاء،
﴿إِيلافِهِمْ﴾ فاء،
﴿الصَّيْفِ﴾ فاء،
﴿خَوْفٍ﴾ فاء،
﴿فَلْيَعْبُدُوا﴾ فاء،
السورة هذه أربع آيات فيها خمس فاءات !!
﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ كم فاصلة في القرآن بالتاء؟
القرآن 6236 آية يعني في 6236 فاصلة، التاء تمثل 34 فاصلة فقط من الستة آلاف ومائتين وكسر،
فالتاء مع هذا الاحتكاك، وهذا الهمس الذي فيه، والانفجار الضعيف الذي يكون في أوله هو أيضًا يتواءم مع بقية الفواصل الشين، والتاء، والفاء،
 أضعف الفواصل على الإطلاق في سورة قريش،
فهل يشير هذا إلى حالة قريش من الرغد، والنعومة، والليونة، ذاك الملمس الناعم ملمس الفاء والشين والتاء؟
 هذا يتناسب مع جو السورة.
فرأينا نحن الفواصل في سورة الإخلاص، الفواصل في سورة النَّاس بالسين،
لا شك أنّ في علاقة انظر سورة النَّاس كلها من أولها إلى آخرها آخرها ناس، ناس، ناس، ناس، والسين وسهولة السين؛
مع أنّ هذه السورة هي أول سورة يحفظها الطفل، مع أنّ الطفل يُشغَف بالسين والصفير وكل ما فيه نوع صفير، الطفل يعشق الأصوات الصفيرية ،
 فأحضر له السين التي تكون في آخر المصحف! التي يبدأ بها الأطفال! سبحان مَنْ أنزل هذا القرآن.
فالفواصل لها وقفة لازم تقف عندها، لكن لا نجزم بشيء الله أعلم،
 الشين، والتاء، والفاء، وتتكرر ربما إشارة إلى حياة قريش الرغيدة.
والله تعالى أعلم .
﴿فَلْيَعْبُدُوا﴾ قلنا الفاء: إما الفاء واقعة في جواب شرط والشرط لا يوجد شرط، فالفاء هنا لازم تقع في جواب شرط، أين الشرط؟ لا يوجد شرط، الزمخشري قال لك: أنّ في هنا معنى الكلام إنْ لم تعبدوا الله لسبب من هذه الأسباب فاعبدوه لرحلة الإيلاف.
- فكأنّ الكلام أصلًا في صورة الشرط إنْ لم تعبدوا الله لسببٍ من هذه الأسباب فاعبدوه لهذا السبب، فالفاء واقعة في جواب شرط متخيل، شرط معنوي، شرط مفهوم من الكلام، هذا قول.
- القول الثاني: أنّ الفاء للتفريع؛ يعني ترتيب مع بعدها على ما قبلها؛ لأنه ألافكم رحلة الشتاء والصيف فاعبدوه، كبقية السور أو الآيات في كتاب الله للاستدلال على توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاس اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾[البقرة:21]، لماذا أعبده؟ لأنه ربك، الذي رباك وأعطاك، ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾[البقرة:21].
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ لماذا؟ ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الفاتحة:2]، فدائمًا الاستدلال على الألوهية بعطاءات الربوبية، فهذا للتفريع ﴿فَلْيَعْبُدُوا﴾ وقلنا ما هي العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والخفية عبادات القلب واللسان والجوارح.
فقريش كانت تعبد الله لماذا قال لهم: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ قريش كانوا يحجوا؟
المقصود: العبادة الشرعية وإلا العبادة مع الشرك ليست عبادة، ما الدليل على أنّ العبادة التي قارنها الشرك لا تُسمى عبادة أصلًا؟ ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾[الكافرون:3]، قريش كانوا يحجوا، وكانوا يعتمروا، فهم الذين عظموا الأشهر الحرم؛ حتى الناس تذهب تحج، وناس تعتمر، وكانوا يذبحوا، وكانوا يطوفوا بالبيت، وكانوا يلبوا لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك، كانوا يقولون هكذا.
إذًا كانوا يعبدون الله، فلماذا مسحوا بممحاة؟ مسحت عبادتهم؟ لأنها مشتملة على الشرك، والنبيّ -عليه الصلاة والسلام-  أُمر أنْ يقول لهم: ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾[الكافرون:3]، ولم يقل لهم: ولا أنتم عابدون مَنْ؛ لأنّ مَنْ فنحن نعبده لكن ﴿مَاالصفة التي تدل على الصفات أنا أعبد الله وأنتم تعبدون الله، هذا من ناحية الذات، لكن من ناحية الصفات أنا أعبد الله موحدًا إياه، وأنتم تعبدون الله مشركين به.
فاختلفت الصفة فجاء ب ﴿مَاالتي تدل على الصفات، ﴿فَلْيَعْبُدُوايعني: فليوحدوا؛ لأنه لو عبده بالشرك ليست عبادة؛ لأنّ العبادة تعني أنك ذاهب الجنة، ﴿وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾[يس:61]، عبادة الله تذهبك إلى الجنة، ﴿صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾؛ لذلك نفى عنهم العبادة ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ عبادتكم لا تُسمى عبادة، وأنتم مطالبون بالعبادة الصحيحة التي هي التوحيد، تحجوا لله وحده، وتصلوا لله وحده، والدعاء، والذبح، والنذر.
﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ لماذا قال: ﴿رَبَّ؟ لأنها مناسبة لأنه الاستدلال بتوحيد الألوهية على الربوبية، العطاء فرحلة الشتاء والصيف والإيلاف كله أصلًا قبل الشتاء والصيف هو أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، هذه تكاليف ألوهية ولا عطاءات ربوبية؟ عطاءات ربوبية، فلازم يقول: ﴿رَبَّالقرآن لا يوجد كلمة تنفع مكان كلمة أبدًا.
 ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ﴾ لماذا لم يقل: ربكم؟ فليعبدوا ربهم، فليعبدوا رب العالمين، فليعبدوا رب النَّاس، لا، ﴿رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾؛ لأنّ القصة من أول ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ حتى ﴿آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ التعظيم جاء قريش بسبب البيت، والذي عمله أبرهة وقصته البيت، والعرب عظمتهم وخافتهم، وتضرب لهم تعظيم سلام، ويخرقون الجزيرة طولًا وعرضًا شتاء وصيف يسيرون، ويتخطف النَّاس من حولهم، وهم في أمن وأمان بسبب البيت فالمناسب ﴿رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾.
وفيه تعريضٌ لهم أنتم تحترموا البيت أكثر من رب البيت، البيت لأنه كان سبب في الخير الذي أنتم فيه عظمتموه، ورسول الله؟ رب العالمين والتوحيد لله؟
فقوله: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾: فيها غاية الإعجاز وغاية تنبيه هؤلاء وبيان جحودهم، حتى ما يستهلوا كلمة أنّ الله -عزَّ وجلَّ- يضيف الربوبية إليهم أبدًا، ﴿رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ التعريف ﴿الْبَيْتِ﴾ ليدل على التعظيم  ﴿رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ لماذا قال: ﴿هَذَا؟ الإشارة للاستحضار.
 ولذلك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في السنة التي حج فيها فصلى عند الكعبة، فقرأ هذه الآية وهو جالس يصلي ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ وأشار إلى الكعبة وهو يصلي، وهو بين يدي الله، ﴿هَذَا إشارة، ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ هذا البيت هو سبب الخير الذي أنتم فيه.
ولذلك تعظيمهم للبيت أكثر من تعظيمهم لرب البيت، وهذه لاحظها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب لما رأى شيخه وهو صغير سنه 12 سنة، ورأى شيخه كلما يسمع له يطلع يقول: يا بيت الله، يا بيت الله، فلاحظ يا بيت الله هذا نداء، أنت تدعو الكعبةَ! أنت تعبد الكعبة! فقال له: أريدك أنْ تسمع ليّ، قال له: أي سورة؟ فكر يقول له: البقرة ولا آل عمران، قال له: سورة قريش، سورة قريش! حتى وصل إلى فليعبدوا هذا البيت يقول له: ﴿رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ يقول له: فأنا رأيتك ستعبد البيت! أنا رأيتك أنت كل مجلس تقول: يا بيت الله، يا بيت الله، فالتفت الشيخ ووجد طفل صغير سنه 12 سنة، هذه كانت بداية شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ۞ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ هذه صفة لرب هذا البيت.
 ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ وطبعًا صلة الموصول لا بُدَّ أنْ تكون مشهورة ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ فجاء بها على طريقة الصلة والموصول، ولم يحضر أي صفة ثانية المنعم عليهم، المطعم لهم، لا، ﴿الَّذِي﴾ يبقى الموصول لأنه ستأتي بعده صلة، صلة الموصول تزيل الإبهام عن الموصول، ولا بُدَّ تكون مشهورة جدًّا، فعندما تجد في موصول اعرف أنّ المسألة مشهورة جدًّا جدًّا جدًّا، وهذه مرت معنا في قصار السور أيضًا.
﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْيبقى إطعام الله لهم مشهور جدًّا، الدنيا كلها عارفة، وهذا قرأناه في الأبيات الذي هو قال له:
زَعَمْتُمْ أَنْ إخْوَتَكُمْ قُرَيْشٌ


لهم إلفٌ وَلَيْسَ لَكُمْ إلاَفُ

أولئك أومنوا جوعًا وخوفًا


وقد جاعت بنو أسدٍ وخافوا

يعني العرب كلها عارفة أنّ قريش أنّ ربنا أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، وهذه دعوة إبراهيم أصلًا ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا﴾[البقرة:126] فهذه ﴿آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ ﴿وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾[البقرة:126] ف ﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ فهي دعوة إبراهيم -عليه السلام-  استجابها الله له.
﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ وفي نفس الوقت كل هذا إرهاص لنبوة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الترتيبات هذه كلها كانت إِبان مولد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ آمن أأمن مثل إيلاف آلاف إيلاف، آمن إيمان، ﴿مِنْ جُوعٍ: نكرة ﴿مِنْ خَوْفٍ﴾: نكرة ونكرة منونة، قلنا في النكرة المنونة: التنكير يدل على التعظيم، فسيكون جوع شديد وخوف شديد.
جاعوا حتى أكلوا العظام المحَرقة والجلود، مرت عليهم سنين الله أعلم بها ﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ شديد لقلة عددهم مع كثرة العرب.
إذًا التنكير يدل على الإبهام، أو التهويل، جوع فخم وخوف عظيم شديد، والتنوين ﴿جُوعٍالتنوين يدل على التعظيم، جوع لا تعرف ما هو شكله، فالتنوين يدل على التعظيم والتفخيم، والتنكير يدل على التهويل الإبهام.
  ﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ﴾ ﴿مِنْ﴾ قالوا: عن، وفي بعض القراءات لكن قراءات شاذة عن، أطعمهم عن جوع، وآمنهم عن خوف، يعني بدل أطعمهم طعامًا بدلًا من الجوع، بدلًا من حالة الجوع، فمن هنا للبدلية ﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾.
أو قيل: من سببية، أطعمهم بسبب الجوع، فهي: إما بدلية بمعنى عن أو سببية بسبب الجوع.
في ملمح أخير في التجويد
﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ النون هنا حكمها الإخفاء بسبب الجيم،
 ﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ الإظهار، في قراءة بإخفاء النون هنا عند أبو جعفر؛
لأنّ القراءة هنا بإخفاء النون، في حفص الخاء من حروف الإظهار، لكن مِنْ ﴿وأَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ إخفاء، هذه قراءة صحيحة.
وسيبويه ذَكَر من ناحية النحو، هذه أحكام التجويد مأخوذة من لغة العرب، فإنّ النون قد تُخفَى قبل الخاء كما في ﴿مِنْ خَوْفٍ﴾ وأيضًا قبل الغين ﴿مِنْ غَيْرِ﴾[طه:22]،
هذا في النحو لكن التي موجودة هنا معنا مع الخاء، فهذه 17 كلمة أربع آيات في 17 كلمة تحدى الله الإنس والجن، فالواحد يجدد إيمانه دائمًا وهو مع القرآن يجدد إيمانه، التحدي قائم.
الوساوس كثرت في هذه الأيام، يقول لك: الواحد يشعر أنّ الوساوس والشيطان طلعني، في وساوس شغالة هذه الأيام كثيرة،
جدد إيمانك، التحدي قائم 17 كلمة أربع آيات والتحدي قائم من أيام أبو جهل إلى أنْ يرث الله الأرض، احضروا لنا قرآن مثله، احضروا لنا سورة مثل سورة قريش
فيها اكتناز المعاني، وتضافر عمل الأصوات، وعلم التجويد، وعلم القراءات، وعلم النحو، وعلم الصرف، وعلم البلاغة، كل هذه العلوم مكتنزة في هذه الكلمات 17.
فالقرآن يأتي يوم القيامة كأنه ما فُسِر أصلًا، والذي نحن نقوله هذا إعراب ونكت، لكن لو دخلنا في عميق التفسير الأمر أوسع من ذلك.
إذًا ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾[الإسراء:88].
نسأل الله -تبارك وتعالى- أنْ يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، أي حياة قلوبنا،
ونور أبصارنا، وجلاء همومنا، وذهاب أحزاننا، وأنْ يذكرنا منه ما نُسيِنا، وأنْ يعلمنا منه ما جهلنا، وأنْ يرزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيه عنا، وألا يجعلنا من الذين اتخذوا القرآن مهجورًا.
وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله، والحمد لله رب العالمين، والله تعالى أعلم.    
وكتبه
أبو طارق
محمود بن محفوظ



===============================
=================
|| إعراب وفوائد من سورة العصر ||
صوتي ||https://f.top4top.net/m_890x3d2k1.mp3 ||
مرئي || https://youtu.be/9u5qP0xq0ko ||
==============================
|| إعراب وفوائد من سورة الكوثر ||
صوتي ||https://c.top4top.net/m_886nig221.mp3||
مرئي ||https://youtu.be/mxzaclf5le||
===================
|| إعراب قصار السور.. فوائد نحوية، وصرفية ،وبلاغية، وتفسيرية ||
#برنامج_مجالس_رمضان1439
-------------------------------
||إعراب وفوائد من سورة الفاتحة||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|| إعراب وفوائد من سورة القدر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_6.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة العصر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_70.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة الفيل ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_12.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة قريش ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_14.html
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة الكوثر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_5.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة النصر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_79.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب و فوائد من سورة المسد ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_1.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سور القلاقل الأربعة ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/05/blog-post_28.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـفضيلة الشيخ أبي طارق محمود بن محفوظ
ـ| http://cutt.us/rVWPV
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق