..تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِ الْوَاعِي مِنْ شِرْكِ الْحَاوِي الرِّفَاعِي فِي مَسْكِ الْحَيَّاتِ وَالْأَفَاعِي


....تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِ الْوَاعِي
مِنْ شِرْكِ الْحَاوِي الرِّفَاعِي فِي مَسْكِ الْحَيَّاتِ وَالْأَفَاعِي

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله ﷺ :
وبعد
فإن ظاهرة ( الحاوي ) وهو يتجول في القرى والأرياف مناديًا مستغيثًا بسيده (أحمد الرفاعي) طالبًا المدد منه قائلًا (مدد يا سيدي أحمد الرفاعي مدد) – من الظواهر الشركية التي عمت بها البلوى في بلادنا وقرانا، وقد انخدع بدجله كثير من العوام وضعفاء العقول من النساء والصبيان الذين يشاهدون منه العجائب والغرائب بأعينهم وهو يستخرج الأفعى التي أقضت مضاجعهم، والأفعوان الذي أصابهم بالهلع والفزع ليلًا ونهارًا، سرعان ما جاء هذا (الحاوي الرفاعي ) وتلا تعاويذه ، وتمتم بعزائمه وإذا بهذه الثعابين والحيات تنسل إليه من جحورها وتنساب إليه من أوكارها، فيمسكها بلا عناء، ويدخلها (خرجه) و (جرابه) بلا تعب ، والناس من حوله في ذهول، فمن مصدق، ومن مكذب، ومن متفرج، ومن مجرب .
وغالبًا لا يستفيق الناس إلا بعد ذهابه ومضيه، وإذا به قد سحرهم وأخذ أموالهم، بعد أن سلب عقائدهم وأديانهم، وقد ابتعد الناس على آثار الرسالة، وقل من يبين للناس صحيح العقيدة، وصافي التوحيد إلا ما شاء الله .
( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) .


أقوال أهل العلم عن الرفاعية

وقبل أن نكشف زيف هذا الشرك، ونعري ضلال هذا الإفك، نذكر ما ذكره أهل العلم عن طريقة الرفاعية الصوفية، وعلاقتها بهذه القضية :
قال الذهبي -رحمه الله- في ترجمة أحمد الرفاعي ، عن الرفاعية :
( وقد كثر فيهم الزغل ، وتجددت لهم أحوال شيطانية ، منذ أخذت التتار العراق ، من دخول النيران ، وركوب السباع ، واللعب بالحيات ! ) اهـ [العبر في خبر من غبر 4/233].
وقال ابن خلكان -رحمه الله- عن الطائفة الرفاعية :
( ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيات حية ! والنزول إلى التنانير وهي تضرم نارًا ، والدخول إلى الأفرنة وينام الواحد منهم في جانب الفرن والخباز يخبز في الجانب الآخر، وتوقد لهم النار العظيمة ويقام السماع، فيرقصون عليها إلى أن تنطفئ النار، ويقال إنهم في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه ) [وفيات الأعيان 1/ 1711] .
أقول : هل هذه الأشياء كرامات ؟
الجواب :
إن الكرامة والأمر الخارق للعادة قد يشتبه على العوام والجهلة ، بيد أنها لا تشتبه على أهل البصائر ، وأصحاب الفطر السليمة والعقيدة المستقيمة ، لأن الميزان الذي توزن به هذه الأمور لا يحابي ولا يجامل ولا يداهن .
فإن كان من تجري على يديه الأمور الخارقة للعادة من أهل التوحيد والاستقامة، والمتابعة للشريعة والاتباع للسلف، فتلك كرامة يكرم الله بها من يشاء من عباده .
وإن كان خارجًا عن الشريعة متبعًا للأهواء المضلة والبدع المنحرفة عن جادة السنة، قال الشافعي رحمه الله : ( إذا رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تشهدوا له حتى تنظروا إلى عمله ) .
ورحم الله القائل :
إذا رأيت الشخص قد يطير ب وفوق ماء البحر قد يسير ب
ولم يقف عند حدود الشرع ب فإنه مستدرج وبدعي ب
وهذه الأشياء من دخول النيران ولحس القضبان الملتهبة باللسان وضرب الشيش، والأسياخ في الأبدان، وأكل الزجاج، ومسك الحيات والعقارب، أمور مشتركة بين طوائف من بني آدم، منهم من ينتسب للإسلام، ومنهم يهود، وبوذيون، وسحرة، وفلاسفة، ووثنيون !
فهي أمور مشتركة بين الناس ، من سائر الأجناس ،فلا تدل بمفردها على الكرامة .
قال الشيخ سليمان بن عبد الله- رحمه الله- :
( اعلم أنه ليس كل من جرى على يده شيء من خوارق العادة يجب أن يكون وليًا لله تعالى ، لأن العادة ينخرق بفعل الساحر والمشعوذ، وخبر المنجم والكاهن بشيء من الغيب مما يخبره به الشياطين المسترقون للسمع ، وفعل الشياطين بأناس ممن ينتسبون إلى دين وصلاح ورياضة مخالفة للشريعة كأناس من الصوفية ، وكرهبان النصارى ونحوهم، فيطيرون بهم في الهواء ويمشون بهم على الماء، ويأتون بالطعام والشراب والدراهم، وقد يكون ذلك بعزائم ورقى شيطانية، وبحيل وأدوية ... وهذه أمور مشتركة بين ولي الله وعدوه .. وقد يكون استدراجًا والأحوال الشيطانية كثيرة .
وقد فرق الله بين أولياءه وأعدائه في كتابه، فاعتصم به وحده لا إله إلا هو، فإنه لا يضل من اعتصم به ولا يشقى، قال الله تعالى : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .
فذكر تعالى أن أولياءه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون هم المؤمنون المتقون ، ولم يشترط أن يجري على أيديهم شيء من خوارق العادة ، فدل على أن الشخص قد يكون وليًا لله وإن لم يجر على يديه شيء من الخوارق إذا كان مؤمنًا تقيًا ) اهـ ص 263 .
وإذا نظرنا في حال هذا الدجال ( الحاوي ) وجدناه من أفسق الناس وأفجرهم ، وقد حدثني من سمعه منذ أيام وهو يستخرج الحيات أنه بدأ ( بسب الدين ) وهذا كفرٌ مجرد ، وردَّة مستقلة ، ثم هو يبدأ بطلب المدد من غير الله قائلًا:
( مدد يا رفاعي مدد ) !! وهذا ما صرح به أحد كبارهم ، وهو الصيادي الرفاعي حيث قال مادحًا شيخه الرفاعي :
له مدد قد أطفأ النار نوره ب وعزم به ما السيف إن سل باتر ب
يذل الأفاعي حين يذكر اسمه ب وتخضع أسد الغاب وهي كواشر ب
يمد ويحمي الملتجي لطريقه ب سواءُ بها بَرٌّ ومن هو فاجر . ب

وقال أيضًا :

ناده واهجم على ليث الشرى ( 1 ) ب تلقه في غابه كثعبان ب
ناده واقبل على الأفعى تقف ب وتناولها تجدها غصن بان ب

قال شيخ الإسلام -رحمه الله- [ 11/575 ] :
( وهؤلاء عندهم أحوال شيطانية تعتريهم عند السماع الشيطاني فتنزل الشياطين عليهم ، كما تدخل في المصروع ويزبد أحدهم كما يزبد المصروع ، وحينئذ يباشر النار والحيات والعقارب ويكون الشيطان هو الذي يفعل ذلك .
وهناك طريقة أخرى : وهي حيل طبيعية مثل أدهان معروفة ، ويذهبون ويمشون في النار، ومثل ما يشربه أحدهم مما يمنع سم الحية ، ومثل أن يمسكها بعنقصتها حتى لا تضره، وكم قتلت الحيات من أتباع أولئك ) ا هـ .

حقيقة ما يصنعه الحاوي
ويمكن أن نخلص إلى أن حقيقة ما يصنعه الحاوي لا يعدو هذه الأمور الخمسة :
الأول : أن الذي يتشكل في صورة الحية هو قرينه من الجن .
الثاني : أن تضع له شياطينه الحيات الحقيقة في المنازل المراد الذهاب إليها مقدمًا ، وتكون من النوع غير السام .
الثالث : أن تكون تلك الحيات حقيقية موجودة في ذات المكان فيتلبس به قرينه ، ويقوم بصيد الحية والتعامل معها قرينه من الجن ، لكن بجسد هذا الحاوي .
الرابع : أن يتكلم بالطلاسم الشركية والتعاويذ الكفرية حتى يسحر الحيات فتنقاد له ، أو يسحرها له قرينه من الشياطين .
الخامس : أن يسحر أعين الناس كسحرة فرعون فيخيل إليهم الحبال والعصي حيات تسعى ! والله تعالى أعلم .
ولماذا الحيات بالذات ؟
وذلك -والله أعلم- راجع لسببين :
الأول : أن الجن يكون في صورة الحيات وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( الجن ثلاثة أصناف فصنف يطير في الهواء ، وصنف حيات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون ) ص ج 3 / 85 .
الثاني : لعداوة الحية الطبيعية لبني آدم ، كما قال بعض أهل العلم :
( الحية لعداوتها للإنسان بالطبع تصادف الشياطين لكونهم أعداء بني آدم ، فإذا عزم على الحية بأسماء الشياطين أجابت وخرجت من مكانها ) ذكره في فتح المجيد .
حيلهم لا تروج عند الشرع :
وقد اعترف أحد كبار الرفاعية أمام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وهو ( صالح الرفاعي ) : بأن أحوالنا ما تنفذ أمام أهل القرآن والسنة ، وإنما تنفذ أمام من لا يكون كذلك من الأعراب ، والترك والعامة .
وذكر ابن كثير -رحمه الله- أنه قال : -أي صالح هذا- : نحن أحوالنا تنفق عند التتار ليست تنفق عند الشرع ) .
قال ابن كير : فضبط الحاضرون عليه تلك الكلمة .

دلائل كذب الحاوي الرفاعي وشركه
إذا تأمل العاقل اللبيب حال ذلك الأفاك ظهر دجله وشركه من خلال أفعاله .
ومن ذلك :
1- أنه يخبر عن عدد الحيات في منزلك وأنواعها وصفاتها وأجناسها : ذكورًا وإناثًا ، صغارًا وكبارًا ، وهو بعد في الشارع لم يدخل المنزل ولم ير .
2- أن ذلك لا يقع عند قراءته القرآن وذكر الله بالأذكار الصحيحة والدعوات المستجابة .. وإنما يقع منه ذلك عند شركه واستغاثته بالأموات والاستمداد منهم، وعند الفسوق والعصيان، بل تراه يجول في الشوارع والأذان يؤذن فلا يلبي ولا يصلي ، بل يدبر له حصاص ويولي !
3- أنه لا يقتل الحيات التي يمسكها ، وإنما يحملها في جرابه ، وينصرف بها ، والذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو ( قتل الحيات ) فقال : ( اقتلوا الحيات ) رواه مسلم .
4- أنه يدعي أنه آخذ للعهد من سيده (أحمد الرفاعي ) وكأنها معاهدة بين الرفاعي وبين الحيات وكأن الحرب وضعت أوزارها بين بني آدم وبين الثعابين والحيات . ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخذ هذا العهد ولا أمر به ، بل أمر بقتلها في الصلاة وفي الحل والحرم ، ولدغ بعض أصحابه بسبب هذه الحيات ، فأين هذا العهد من رسول الله وأصحابه ؟ أفخبئ ذلك للرفاعي وأشياعه ، وحجب عن رسول الله وأتباعه ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم !
5- أنه أحيانًا يخرج الحية من مكان نظيف جدًا ، لا يتصور وجود حية فيه على الإطلاق ، فكم مرة يخرج الأفعى من حجرة نظيفة معدة للضيوف ، والحية تسبح على ( بلاط السيراميك ) أو على ( سجاد الموكيت ) الذي تم تنظيفه منذ لحظات وتم إغلاق الحجرة ، وإذا بالحاوي يصرخ من خارج الدار ( هذا منزل فيه حية كبيرة ، أو ثعبان ووليفته – يعني زوجته من الحيات - ) فما أن يدخل حتى يمسك بهذه الحية كأن يدًا قد سبقته فوضعتها له بين هاتيك ( المساند ) وبين الستائر والأرائك !
شبهات وردود
وههنا شبهات يرددها العوام ويتناقلها الجهلة والسفهاء ليروجوا للباطل سوقه ، وليغروا الناس بشركه وهم لا يشعرون .
1- فمنهم من يقول : لقد كنا نعاني من حية تأكل الطيور وسرعان ما جاء الحاوي فأخرجها وأمسكها فأنا أعرفها إنها هي هي ، لقد رأيتها قبل ذلك ، ثم لم نعد نرى هذه الحية بعد ذلك .
2- وقائل يقول : لقد قمت بتجريد من ملابسه للتأكد من خلو كمه من الحيات فما وجدت معه شيئًا !
3- وقائل يقول : نحن نعلم أنه دجال لكننا مضطرون له محتاجون إليه ، فلنا مصلحتنا وعليه شركه ودجله !!
4- وآخر يقول : هذا كرامة لأولياء الله الصالحين ! فإن قيل له : إنه فاسق ألا ترى إلى فعله ، ألا تسمع إلى قوله ألا ترى حاله ؟ أجابك قائلًا : إنها كرامة لشيخ الطريقة الرفاعية أصلًا ، وهذا الحاوي قد أخذ العهد منه !
5- وآخر يقول قد سمعناه يذكر الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .
وكل هذه الشبهات لا قيمة لها بعد معرفة حقيقة حاله وطبيعة مكره وشركه وخبثه ودهائه .
فأما قولهم : لقد أخرج نفس الحية التي كانت تؤذينا ، فهذا حق لأنه تارة يسحرها بتعازيمه الشركية وتارة يسحرها له الشيطان إلخ
وأما قولهم لقد جردناه من ملابسه .. إلخ .
فهذا حق لأنه ليس دائمًا مخادع بل يخادع أحيانًا ، وأحيانًا يستخدم الشياطين كما سبق .
وأما ادعاء الضرورة لاستخدام الشرك فهذا من أبطل الباطل ، فلمجرد خوف الإنسان من حية يسوغ لنفسه أن يأتي بمن يستخدم الشرك بالله لأخذ هذه الحية هذا لا يكون من مؤمن يؤمن بالله عز وجل إيمانًا صحيحًا ز
ولا يعترض بقوله تعالى ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره ) لأن هذا في حالة الإكراه فقط .
وأما الحية فإنها تقتل وينتهى الصراع !
فما هذه العقيدة الهشة ؟ !
وأما أنها كرامة فهي أبعد ما تكون من الكرامات فإن الكرامة ما يكرم الله به المؤمن التقي لا الفاسق الشقي ، بل تلك خوارق للعادة تجري على يد أكفر الكفار وأفجر الفجار وتأمل حال سحرة الهند والبوذيين فهل أولئك أيضًا من أولياء الله الصالحين ؟ !
ثم إن الولي لا يتحدى بكرامته !
ثم إن الكرامة لا تكون بتأمين من أمر النبي بقتله !
وأما ذكره لله وصلاته على رسول الله فتمويه ودجل ، وتضليل وإفك ، لأنه علم أن العوام مهما بلغ بهم الجهل لا يرضون الشرك الصريح والكفر الواضح فهذا أمر تأباه الفطر السليمة والعقول المستقيمة ، فلا بد لتروج بضاعته من لبس الحق بالباطل لتستحكم الفتنة ، ويتم البلاء ولا حول ولا قوة إلا بالله .
( وقل جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقًا ) .

موقف المسلم الموحد من الحاوي
1- أن يعرف خطورته على دينه وعقيدته وتوحيده وعلى عقائد الناس أيضًا .
2- يجب عليه أن يحذر منه وأن يكشف زيفه وشركه ودجله للناس ( فالدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ) ومن كتمها فقد غش المسلمين وكان من الخائنين للدين .
3- القيام بالإنكار عليه وزجره وتعنيفه والاستعانة على ذلك بولاة الأمور ، للأخذ على يديه وقمعه .
4- إياك أن تذهب ( لتتفرج ) عليه فهذا من أعظم أبواب الفتن . قال عليه السلام عن الدجال ( من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه لما يبعث به من الشبهات ) . وقال عليه السلام : ( من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا ) رواه مسلم . وقال أيضًا : ( من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) رواه أبو داود وصححه الألباني . وهذا الحاوي يدعي معرفة الحيات قبل أن يراها كما سبق فهو داخل في العرافة والكهانة لفظًا أو معنى . فمن ذهب ليتفرج فلا تقبل له صلاة أربعين يومًا، فإن صدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ، والله تعالى أعلم .
5- إياك والدخول معه في مناظرة أو اختبار أمام العوام فإن حيل الحواة كثيرة وطرق الشياطين متعددة ومتنوعة ، فربما خبأ لك شيئًا لم تدركه فتقع الفتنة للجماهير والعوام فيزدادون به إيمانًا وثقة على حد قول الدهماء لسحرة فرعون ( لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين ) . أما إذا كنت ممن خبر القوم وعرف حيلهم وألاعيبهم وأحاط بها ، فهذا شيخ الإسلام قد ناظرهم وكشف زيفهم ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) .
6- إياك أن تخاف منه فتجبن عن الإنكار عليه وفضحه أمام الناس خوفًا من انتقام شياطينه منك . وجرد توكلك على الله .قال الله تعالى: ( أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ) وقال تعالى: ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله .. ) .
إذن فما هو الحل الشرعي ؟
لا شك أن شريعة الإسلام شريعة كاملة تامة لم تدع مشكلة من مشاكل الناس إلا وفيها المخرج منها . ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء ) وقال أبو -ذر رضي الله عنه- (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم طائرًا يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علمًا)
وهذا الأصل لا يحتاج إلى كثرة الأدلة فهو من الأصول المعلومة والقواعد المقررة عند جميع المسلمين .
فما هو المخرج من هذه البلية بلية الحيات والأفاعي بعيدًا عن شرك الحاوي الرفاعي ؟
1- الحل الأول : الحصن الشرعي من لدغ الحية وضرها وأذاها :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال حين يمسي : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات لم تضره حية إلى الصباح ، قال: وكان إذا لدغ إنسان من أهله قال : أما قال الكلمات ؟! ) صحيح ابن حبان 1027 صححه الحاكم وقال على شرطهما .
2- الحل الثاني : قتل هذه الحيات .
1- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول : اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر ويستسقطان الحبل ) رواه البخاري ومسلم .
2- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزل عليه ( والمرسلات عرفًا ) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اقتلوها ، فابتدرناها فذهبت ، فقال : وقيت شركم كما وقيتم شرها ) رواه البخاري ومسلم .
3- وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل ذي الطفيتين فإنه يلتمس البصر ويصيب الحبل ) .
4- قال عليه السلام : ( اقتلوا الأسودين في الصلاة : الحية والعقرب ) صحيح ، رواه أصحاب السنن .
تنبيه :
شاع عند بعض العوام أن الحية إذا حاولت قتلها فأخطأتها فلم تمت صارت معادية لك متربصة بك لتثأر منك فيحجم الناس عن قتلها مخافة ثأرها !
وقد روى الطبراني في الكبير عن عكرمة عن ابن عباس قال لا أعلمه إلا رفع الحديث : أنه كان يأمر بقتل الحيات وقال : من تركهن خشية أو مخافة ثأر فليس منا ) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ما سالمناهن منذ حاربناهن ومن ترك شيئًا منهن خيفة فليس منا ) حسن صحيح .
رواه أبو داود 5248.
وعن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ترك الحيات مخافة طلبهن فليس منا ، ما سالمناهن منذ حاربناهن ) صحيح ، رواه أبو داود 5250 .
وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال : كان عمر يقول على المنبر :
يا أيها الناس أصلحوا عليكم مثاويكم وأخيفوا عليكم هذه الجنان قبل أن تخيفكم ، فإنه لن يبدو لكم مسلموها وإنا والله ما سالمناهن منذ عاديناهن ) .
قلت : ففيه أبلغ الرد على هؤلاء الحواة الغواة الذين زعموا أنهم سالموا هذه الحيات بموجب عهد تم بين الرفاعي وتلك الأفاعي ، فنقول إن تم هذا العهد كما زعمتم فقد تم بشهادة الشياطين وحضور إبليس اللعين بعد البراءة من شرع النبي الأمين ، والله أعلم .

فصل
في الحيات ذوات البيوت
وذوات البيوت هي الحيات التي تلازم البيت دائمًا فلا تخرج منه وتألفه وتقطنه .
وقد ورد في شأنها أحاديث ، منها :
عن ابن عمر رضي الله عنهما : بينما أنا أطارد حية لأقتلها فناداني أبو لبابة : لا تقتلها ! فقلت : إن رسول الله قد أمر بقتل الحيات ! قال : إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت وهي العوامر ) رواه مسلم .
وعن نافع أن أبا لبابة كلم ابن عمر ليفتح بابًا في دار ليستقرب به إلى المسجد فوجد الغلمة جلد ( جانّ )( 1 ) فقال عبد الله : التمسوه فاقتلوه !
فقال أبو لبابة : لا تقتلوه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي في البيوت .
وفي رواية : ( إلا الأبتر وذا الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتتبعان ما في بطون النساء ) رواه مسلم .
وعن أبي السائب : أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال : فوجدته يصلى فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته ، فسمعت تحريكًا في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس .
إلى قوله : فقال عليه السلام إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان ) رواه مسلم .
وفي رواية : ( إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئًا منها فحرجوا عليه ثلاثًا فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر ) .
فاختلف أهل العلم في ذلك :
فطائفة خصت ذلك بالمدينة النبوية نظرًا لقوله ( إن بالمدينة جنًا قد أسلموا ) .
وأباحت قتل ذوات البيوت مطلقًا بلا تحريج ولا إيذان عملًا بعموم قوله ( اقتلوا الحيات ) و ( اقتلوا الأسودين في الصلاة ) إلخ .
وطائفة حملت الأمر على عمومه فجعلت ذلك عامًا في قتل حيات البيوت إلا ما استثناه الشارع من الأبتر وذي الطفيتين ، لقوله ( إن لهذه البيوت عوامر ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله ( 19 / 42 )
( ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل حيات البيوت حتى تؤذن ثلاثًا ... وذلك أن قتل الجن بغير حق لا يجوز كما لا يجوز قتل الإنس بلا حق ، والظلم محرم في كل حال فلا يحل لأحد أن يظلم أحدًا ولو كان كافرًا بل قال تعالى : ( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنًا فتؤذن ثلاثًا فإن ذهبت وإلا قتلت ، فإنها إن كانت حية قتلت ، وإن كانت جنية فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنس في صورة حية ( تفزعهم ) بذلك ، والعادي هو الصائل الذي يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلًا ، وأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك فلا يجوز ) .


فصل
في التحريج كيف يكون ؟
لم يرد شيء صحيح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وإنما يدل ذلك على أن التحريج والإيذان يكون بأي صيغة بلا توقيف ، كأن تقول :
أنت في حرج وضيق إن عدت إلينا،
أو : أحرج عليك أيتها الحية بالله واليوم الآخر أن تظهري لنا أو تؤذينا ،
ونحو ذلك ،
كما روى ذلك عن مالك ( التمهيد 16/263 ) .


فصل
في صيد الحيات
سئل شيخ الإسلام رحمه الله :
عَنْ رَجُلٍ يَدَّعِي الْمَشْيَخَةَ : فَرَأَى ثُعْبَانًا فَقَامَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ لِيَقْتُلَهُ فَمَنَعَهُ عَنْهُ وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ عَلَى مَعْنَى الْكَرَامَةِ لَهُ فَلَدَغَهُ الثُّعْبَانُ فَمَاتَ ، فَهَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ ؟ أَمْ لَا ؟ .
فَأَجَابَ :
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ أَنْ يَتْرُكُوا الصَّلَاةَ عَلَى هَذَا وَنَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ عُمُومُ النَّاسِ كَمَا { امْتَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَعَلَى الْغَالِّ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَقَالَ : صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ } . وَقَالُوا لسمرة بْنِ جُنْدُبٍ : إنَّ ابْنَك الْبَارِحَةَ لَمْ يَبِتْ فَقَالَ : بَشَمًا ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ : أَمَا إنَّهُ لَوْ مَاتَ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ ، ( فَبَيَّنَ سَمُرَةُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَشَمًا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَاتِلًا لِنَفْسِهِ بِكَثْرَةِ الْأَكْلِ . فَهَذَا الَّذِي مَنَعَ مِنْ قَتْلِ الْحَيَّةِ وَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ حَتَّى قَتَلَتْهُ أَوْلَى أَنْ يَتْرُكَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَاتِلُ نَفْسِهِ بَلْ لَوْ فَعَلَ هَذَا غَيْرُهُ بِهِ لَوَجَبَ الْقَوَدُ عَلَيْهِ . وَإِنْ قِيلَ : إنَّهُ ظَنَّ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ فَهَذَا شَبِيهُ عَمَلِهِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي أَكَلَ حَتَّى بَشَمَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَ نَفْسِهِ فَمَنْ جَنَى جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ وَإِمْسَاكُ الْحَيَّاتِ مِنْ نَوْعِ الْجِنَايَاتِ فَإِنَّهُ فِعْلٌ غَيْرُ مُبَاحٍ ...
وَغَالِبُ هَؤُلَاءِ كَذَّابُونَ مُلْبِسُونَ خَارِجُونَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَهْيِهِ يُخْرِجُونَ النَّاسَ عَنْ طَاعَةِ الرَّحْمَنِ إلَى طَاعَةِ الشَّيْطَانِ وَيُفْسِدُونَ عَقْلَ النَّاسِ وَدِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ .... وَيَجْتَمِعُونَ عَلَى بِدَعِهِمْ الْمُنْكَرَةِ عَلَى أَتَمِّ الْحَالَاتِ وَيَصْنَعُونَ اللَّاذَنَ وَمَاءَ الْوَرْدِ وَالزَّعْفَرَانَ لِإِمْسَاكِ الْحَيَّاتِ وَدُخُولِ النَّارِ بِأَنْوَاعٍ ( مِنْ ) الْحِيَلِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ بَدَلًا عَمَّا جَعَلَهُ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ مِنْ الطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَحْوَالِ الرَّحْمَانِيَّةِ وَيُفْسِدُونَ مَنْ يُفْسِدُونَهُ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ... وَمَنْ كَانَ مُبْتَدِعًا ظَاهِرَ الْبِدْعَةِ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَمِنْ الْإِنْكَارِ الْمَشْرُوعِ أَنْ يُهْجَرَ حَتَّى يَتُوبَ وَمِنْ الْهَجْرِ امْتِنَاعُ أَهْلِ الدِّينِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ مَنْ يَتَشَبَّهُ بِطَرِيقَتِهِ وَيَدْعُو إلَيْهِ وَقَدْ أَمَرَ بِمِثْلِ هَذَا ( ذلك ) مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) . ا هـ مجموع الفتاوى ( 5 / 454 ) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن الحاوى وعمله ، فأجابت إجابة شافية كافية جاء فيها :
( ... فعلى هذا ، فإن ما يدعيه أولئك الدجالون أنهم يتمكنون بتلك الأشياء المذكورة في السؤال إلى تحويل ذوات السموم المؤذية ، إلى كونها مستأنسة مسالمة ، وأنه يستطيع أن يتحكم فيها ويحويها بمنعها من مجاوزة مكان ما ، أو أن ريقه فقط يبرأ به من أصيب بسمها ، وأنها لا تؤذي الحاوي ولا تلدغه ، وكذلك ما يدعونه من حلب الأم لثديها على العقرب الميت ، وسقيها للطفل فيكتسب الطفل مناعة ضد العقارب والحيات ، كل هذا من الكذب والافتراء ، وضرب من الخرافات ، واستعانة بالشياطين وتعلق بالجن ، وتعاون معهم على الإثم والعدوان ، وخداع للعوام وضعاف العقول ، وادعاء بعضهم الولاية بما يجري على أيديهم من تلك الأمور ، فلا ينبغي الاغترار بهم والانخداع بأقوالهم ، بل يجب الإنكار عليهم والبعد عنهم ، وتحذير الناس من شرهم ، والاعتقاد بأنهم أهل بدعة وضلالة.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو عضو عضو نائب الرئيس
بكر أبو زيد صالح الفوزان عبد الله بن غديان عبد العزيز آل الشيخ
الرئيس
عبد العزيز بن باز
....................................
كَتَبَهَا فضيلة الشيخ:
أَبُو طَارِق
مَحْمُودُ بْنُ مَحْفُوظ
http://www.mahfoouz.com/play-853.html )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#abou゚moaz
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق