( نصيحة للقضاء على الثأر )


حُـرْمةُ دَمِ المُسْلِم

( نصيحة للقضاء على الثأر )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ، ومن تبعه بإحسان وسار على دربه .

وبعد :
فإن حرمة دم المسلم عظيمة ، وعاقبة من سفكه وخيمة ، توعده الله بالعقوبات والنكال ، وبالنار ذات السلاسل والأغلال ، فاقرأ وتأمل كلام الكبير المتعال ، في شأن هذا الأمر الجلل والمزلق الوعر ، وكلام رسوله ص البشير النذير في تحذيره عاقبة هذا الأمر الخطير .
قاتل المؤمن جزاؤه جهنم وعليه غضب الله ولعنته :
قال تعالي :﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾( ) .

من قتل نفسا واحدة فكأنما قتل الناس جميعاً :
قال تعالى :﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾( ) .

القاتل مخلد في العذاب المهين :
قال تعالى :﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾( )
فإن قيل وهل يكون قتل المسلم بحق ؟ فالجواب :
قال رسول الله :" لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدين المفارق للجماعة "( ) .

القصاص والحدود لا تكون إلا لولي الأمر الحاكم المسلم وليس لآحاد الناس :
قال تعالى :﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾( ) .
قال القرطبي – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى :﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾( )
" اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان ، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض وإنما ذلك للسلطان أو من ينوبه السلطان لذلك " انتهى .
قلت : فلا مجال للأخذ بالثأر في شريعة الإسلام بل هو من أمر الجاهلية .

فضل من عفا عن حقه في القصاص :
قال تعالى :﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ﴾( ) .

القتل من الموبقات التي تهلك صاحبها في الدنيا والآخرة :
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله :" اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ... "( ) الحديث .

مضاعفة العذاب والعقوبة لمن بدأ به :
عن ابن مسعود قال : قال رسول الله :" لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل "( ) .
كفل : نصيب من العقوبة .

أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة : الدماء
عن ابن مسعود قال : قال رسول الله :" أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء "( ) .

القاتل لا عصمة له من سيف العدالة
عن المقداد قال : أرأيت يا رسول الله إن لقيت رجلاً من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال : أسلمت لله . أفأقتله يا رسول الله ؟ قال : لا تقتله ، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال "( ) .
قلت : هذا الوعيد فيمن قتل رجلاً مشكوكاً في إسلامه فكيف بمن يقتل من يصلي ويصوم ويفعل الخيرات ؟!!

قتل النفس ورطة لا مخرج منها :
عن ابن عمر قال : قال رسول الله :" إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حِله "( ) .

لا يغفر الله للقاتل :
عن أنس قال : قال رسول الله :" أبى الله أن يجعل للقاتل المؤمن توبة "( ) .
عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله :" كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركاً ، أو يقتل مؤمناً متعمداً "( ) .
وعن ابن عمر – قال : بعث النبي محلّم بن جثامة مبعثاً فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الإسلام وكانت بينهم إحنة في الجاهلية ، فرماه محلم بسهم فقتله ، فجاء الخبر إلى رسول الله فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي رسول الله ليستغفر له ، فقال له النبي :" لا غفر الله لك ، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه " وفي رواية " اللهم لا تغفر لمحلم بصوت عال "( ) .

القاتل منقطع من كل خير لا أمل يرجى من جهته :
عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله :" لا يزال المؤمن مُعْنِقاً صالحاً ما لم يصب دماً حراماً ، فإذا أصاب دماً حراماً بلَّح "( ) .
مُعْنِقاً : مسرعاً في طاعة الله .
بلَّح : انقطع خيره كما ينقطع ماء البئر .

الحرج كل الحرج في سفك الدم الحرام :
عن ابن عمر قال : قال رسول الله :" لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً "( ) .

القاتل المسرور بجريمته لا يقبل الله منه عملاً :
عن عبادة قال : قال رسول الله :" من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً "( ) .
اغتبط : سر وفرح .
صرفاً ولا عدلاً : نفلاً ولا فرضاً .

قتل المسلم أعظم عند الله أعظم عند الله من زوال الدنيا :
عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله :" لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم "( ) .
وعن بريدة مرفوعاً :" قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا "( ) .
وعن البراء بن عازب قال رسول الله :" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق "( ) .
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قال رسول الله :" لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار "( ) .

المؤمن أعظم حرمة من الكعبة المشرفة :
عن عبد الله بن عمرو قال :" رأيت رسول الله يطوف بالكعبة ويقول :" ما أطيبك وأطيب ريحك ! ما أعظمك وأعظم حرمتك ! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك "( ) .

عنق من النار يلتقط القتلة في عرصات القيامة :
وعن أبي سعيد الخدري قال : رسول الله :" يخرج عنق من النار يقول : وكلت بثلاثة : بكل جبار عنيد ، ومن جعل مع الله إلهاً آخر ، ومن قتل نفساً بغير حق فينطوي عليهم فيقذفهم في حمراء جهنم "( ) .
وبعضهم يوبخ ثم يساق إلى النار :
عن ابن عباس قال : سمعت نبيكم يقول :" يأتي المقتول معلقاً رأسه بإحدى يديه متلبباً قاتله بيده الأخرى تشخب أوداجه دماً حتى يأتي به العرش فيقول المقتول لرب العالمين : هذا قتلني ، فيقول الله للقاتل : تعست ، ويُذهب به إلى النار "( ) .

تعظيم حرمة ( لا إله إلا الله ) :
عن عمران بن حصين قال : شهدت رسول الله وقد بعث جيشاً إلى المشركين فلما لقوهم قاتلوهم قتلاً شديداً فمنحوهم أكتافهم فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح فلما غشيه قال : أشهد أن لا إله إلا الله إني رجل مسلم ، فطعنه فقتله ... فلما بلغ النبي قال له : هلَّا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه ، فسكت عنه رسول الله فلم يلبث إلا يسيراً حتى مات فدفناه على ظهر الأرض فقالوا : لعل عدونا نبشه ! فدفناه ثم أمرنا غلماننا يحرسونه فأصبح على ظهر الأرض ! فقلنا لعل الغلمان نعسوا ، فدفناه ثم حرسناه بأنفسنا فأصبح على ظهر الأرض فألقيناه في بعض تلك الشعاب "( ) .
وفي رواية أخرى :" فأخبر رسول الله فقال : إن الأرض لتقبل من هو شر منه ولكن الله أحب أن يريكم تعظيم حرمة لا إله إلا الله "( ) .

قاتل المسلم لا تفتح له أبواب الجنة :
عن جندب بن عبد الله مرفوعاً :" من استطاع منكم أن لا يحول بين وبين الجنة ملء كف من دم امرئ مسلم يهريقه كأنما يذبح به دجاجة ، كلما تعرض لباب من أبواب الجنة حال الله بينه وبينه "( ) .
إذا كان المقتول مظلوماً فهو في الجنة :
عن ابن عمر أنه مر على رأس منصوب على خشبة – يعني مصلوب – فقال : شقي قاتل هذا . فلما مضى قال : وما أرى هذا إلا قد شقي سمعت رسول الله يقول :" من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله فليقل هكذا ، فالقاتل في النار والمقتول في الجنة "( ) .

رويدك أيها المجرم فإن لك عند الله قاتلاً لا يموت :
عن ابن مسعود مرفوعاً : " ألا يعجبك رحب الذراعين يسفك الدماء فإن له عند الله قاتلاً لا يموت " . رواه الطبراني .
القاتل أبغض الناس إلى الله:
عن ابن عباس قال : قال رسول الله :"أبغض الناس إلى الله ثلاثة:ملحد في الحرم ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ،ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه"البخاري.

النهي عن حضور قتل المسلم :
عن ابن عباس قال : قال رسول الله :" لا يقفن أحدكم موقفاً يقتل فيه رجـل ظلماً فإن اللعنة تنزل على كل من حضر حـين لم يدفعوا عنه ، ولا يقفن أحدكم موقفاً يضرب فيه رجل ظلماً فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه " ( ).

الثارات من أمور الجاهلية :
عن ابن عمر قال : قال رسول الله :" ويحكم لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض "( ) .

سد الشريعة لكل ذريعة تؤدي إلى هذه الجريمة المروعة :
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله :" إن الملائكة لتلعن أحدكم إذا أشار إلى أخيه بحديدة وإن كان أخاه لأبيه وأمه "( ) .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله :" لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار "( ) .
عن أبي بكرة قال : قال رسول الله :" إذا أشار الرجل على أخيه بالسلاح فهما على جرف جهنم فإن قتله وقعا فيه جميعاً "( ) .
عن أبي بكرة قال : قال رسول الله :" إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ، قلت : هذا القاتل فما بال المقتول ؟ فقال : إنه كان حريصاً على قتل صاحبه "( ) .

من أمر بقتل مسلم أو أعان على ذلك :
عن أبي الدرداء قال : عن النبي قال :" يؤتى بالقاتل والمقتول يوم القيامة ، فيقول : أي رب سل هذا فيما قتلني ؟ فيقول أي رب ! أمرني هذا فيؤخذ بأيديهما جميعاً – يعني القاتل والآمر – فيقذفان في النار "( ) .

النهي عن بيع السلاح في الفتنة :
عن عمران بن حصين أن النبي :" نهى عن بيع السلاح في الفتنة "( ) .

وصية في الختام :
عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي فقال أوصني . فقال :" لا تغضب . فردد مراراً . قال لا تغضب "( ) .
وفي هذا القدر كفاية لمن أراد الهداية وابتعد عن طريق الغواية ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .
المراجع :
1. إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن للشيخ حمود التويجري .
2. كتب الألباني رحمه الله .
______________________
بقلم الشيخ :
أبي طارق
محمود بن محفوظ.
(http://www.mahfoouz.com/play-854.html)
___________________

#abou゚moaz
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق