نظرة على واقع الدعوة وطلبة العلم

نظرة على واقع الدعوة وطلبة العلم 

هذه توجيهات ونصائح وفوائد من خلال استقراءنا لواقع الدعوة والدعاة وطلبة العلم فإليكم يُساق الحديث.

المُلاحَظ بعامّة التقصير في طلب العلم بل التقصير الظاهر البالغ والقصور في تحصيله – أيضًا –، كم من الدورات قد فُرِغ منها ومن الكتب التي شُرِحت والسلاسل العلمية التي فُرِغ منها ووُضِعَت فيها الامتحانات وتحصيل الطلبة كما هو، لم يخرج من بينهم طالب علم يُعتدُّ به، ولا رجل تُفتح له الأبواب، وتُفتح أمامه السُّدد (سدد الدعوة) هنا وهناك، وإنما طلب العلم أصبح صورةً ظاهرةً فقط، يغدو ويروح من دورة إلى دورة، ومن درس إلى درس، ومن خطبة إلى خطبة، ثم التحصيل ضعيف بغير جدية.

ودائمًا نقول:
ذاكر كمذاكرة طالب في ليلة الامتحان وإياك أن تترك هذه الطريقة التي اعتدتها في مراحل عمرك الدراسية، اعتدت طريقة معينة في المذاكرة بالقلم، بالورقة، بالاختصار، بالتسميع، بالتلخيص، بالمناقشة مع إخوانك، بالمراجعة، بالحفظ (حفظ المتن)، لا تفصل بين طلب العلم الدنيوي الذي اعتدته طول حياتك وبين هذه الدراسة العلمية الدينية الشرعية، فنجد أن هذا النمط من العلم أصبح الطالب ينظر إليه بعين أخرى، لا يجتهد فيه ذاك الاجتهاد الذي يُحرِز فيه أعظم الدرجات تلخيصًا وتهذيبًا وترتيبًا وتسميعًا وأداءً – وقل ما شئت –، فلم هذا القصور؟! ولِمَ هذا التقصير؟! وإلى متى؟!
قد وجدت من ينوب عنك – ده في الجملة – فلان وفلان يدرسون – على العموم – لكن في بلدك لا يوجد غيرك، وفي منطقتك لا يُرى سواك، ومن خلالك يرى الناس الدعوة، ويُعطون انطباعًا عامًّا عن المنهج الذي تسير عليه فمن مادح ومن قادحٍ، ونحن لا نريد مدحًا، ولا نخاف القدح، غير أننا نريد الصواب والحق وهذا لا يجعلنا في جملة المتواكلين.

فهذه موعظة بالغة ينبغي أن يحرص عليها كل طالب علم (أخذ العلم بجد (1) ) (خُذْ مَا آتَيتُكَ بِقُوَّةٍ) و(خُذْ) المسألة كتحدي، طلب علم ليل نهار.

وقد وجدت من ينظم لك وقتك، يعني في زمن من الأزمان لم نجد من ينظم لنا وقتنا، فالواحد يريد المذاكرة ويذاكر لكن لا يرى ولا يجد من يضع له منهجًا، يضع له كتابًا، يمتحنه في الكتاب، ويواظب في الحضور، هذا ما كان موجودًا في زمن من الأزمان، فدونك الفرصة فلا تأتها تبركًا كما حدث، وإلا فأين طلبة العلم في سوهاج؟!
إذا كانت دورة بهذه المثابة وبتلك الأهمية يحضرها عشرون أو ثلاثون لا يزيد، وطبعًا كم من الطلبة قد انقطع، ويكتفي بالتسجيل، وسنراجع وسننظر، والكتاب موجود، وينتهي العمر ويبقى في هذا التقصير، وإلى الله المصير.

التنبيه الثاني:
أن بعض الطلبة ينشغل بما لا يجب عليه من العلوم الكفائية، ويترك فرض عينه، ينشغل بما كفاه غيره، ينشغل بباب معين من العلوم هو من الفروض الكفائية، وقد كفاك غيره فيه، كعلم الجرح والتعديل، والكلام في الرجال، فنجد أن البعض ممن لم يتمكن في هذا الباب يستفرغ فيه الوسع، ويستقصي فيه الجهد، ولا يحسنه، ومع ذلك هو مفرط في الحفظ (حفظ القرآن) وفي طلب العلم الشرعي تصحيح العقيدة والتوحيد والدعوة إلى الله بحسبه، تجده قد تصدر في هذا الباب وأبى إلا أن يكون مبرَّزًا فيه بحقٍّ أو بباطل، والكلام في الرجال صعب، لابد أن يكون بعلم وإخلاص وبعدلٍ وإنصاف، وإلا كان الكلام فيه من أسوأ ما يكون نتائج.
هذا هو الواقع، أن يتصدر الطالب في كلام لم يحسنه بعد وكان بالإمكان أن يُحيل إلى شيخه أو إلى كتاب أو إلى دورة علمية أو إلى محاضرة، أبى إلا أن يتكلم بنفسه وأبى إلا أن يُقصِّر في طلب العلم، تسأل الطالب في مباديء التوحيد، وفي أصول الإيمان، وفي مسائل الطهارة والصلاة، فلا تسمع إلا الصمت، ماذا يفعل هذا الطالب؟!
فهذا الكلام ينبغي أن يُوضَع في الاعتبار، وينبغي أن تحمل كلامي عليك، ولا تقل: إنه يقصد من بجواري،بل إياك أعني، واسمعي يا جارا.

ثالثًا:
التشدد في الأحكام وعدم مراعاة حال العامة والجهلة في الدعوة إلى الله – عز وجل –.
مراعاة الواقع والحال هذا من الفقه في دين الله – عز وجل – لابد من مراعاة واقعك، كلمة (مراعاة الواقع) البعض يتعامل معها بحساسية لأنه يتذكر "فقه الواقع" بتاع الحزبيين، فيفر منها فرار السليم من الأجرب، فرار المعزى من وعوعة الأسد، فرارًا من الجرح حتى لا يُجرح، كلمة الواقع يبقى فقه واقع يبقى الإخوان يبقى ده مميع، لا،
لا تخش سيفًا من الباغي ولا قلمًا .. فغارة الله فوق السيف والقلم

أخلص عملك لله، فقه الواقع يختلف عن فقه الواقع السياسي الحزبي، هم يطلبون العلم من القصاصات والجرائد والمجلات والسياسات الباطلة، لكن فقه الواقع النصي الشرعي: "أن تفهم واقعك، تفهم الواقعة المعينة" هذا ذكره ابن القيم – رحمه الله – : أنه لابد من فقهين في المسألة: معرفة حكم الله في المسألة، ومعرفة الواجب في الواقع الذي يُنزل فيه الحكم.

فأنت الآن أخذت أحكامًا عامَّة، علمت موقف أهل السنة والجماعة من هجر المبتدع، ومن أهل البدع عمومًا، علمت هذا الحكم، هذا بإطلاق، هذا من حيث العموم، فتأتي أيها المستضعف القليل عددًا، وتأخذ من شيخك الممكن، الذي هو أكبر منك سنًّا، وعلمًا، وحكمةً، وكياسةً، وتسمع له القلوب، وطريقةً، فتحمل المعلومة لتضعها في واقع آخر، هو إن قال فإنه يستطيع أن يقول ولا يُعترَض عليه بخلافك أنت، أنت إن قلت لم يُسمع لك، وهو ممكن في بلده وفي مكانه وفي مسجده، وأنت لم تُحسن سوق الحق الذي معك، والباطل في زخرف القول:
في زخرف القول تزيين لباطله والحق قد يعتريه سوء تعبير
الحق قد يُصاب بهذه المصيبة، لم يجد له نقلة، ونقلة الباطل فُصَحاء لُسن يستطيعون الكلام والمحاورة، هذا موجود وفي هذا فتنة للطائفتين، يُفتن الناس بالباطل المزخرف ولا يُقبلون على الحق الذي لم يُحسِن صاحبه عرضه ولا تسويقه، فإياك أن تنقل المسألة برمتها، من واقع إلى واقعٍ آخر بلا فقه، وقد جربنا ذلك وذقنا الأمرَّيْن، من طالب علم، لا أقصد طالبًا بعينه، بل أقصد جنس الطلاب، يأخذ الطالب المعين هذا الكلام مني أو من غيري.

أتكلم في مسجدي بقوة عن أي شيءٍ لأني مهدت لذلك تمهيدًا من أكثر من عشر سنين، والقواعد توضَع شيئًا فشيئًا حتى قيلت الكلمة بعد عشر سنين فلا تأخذها مباشرة بعد عشرة أيام، لتضعها في موقع آخر لا تنبت إطلاقًا، بل سترى جناها مُرًّا وحنظلا وعلقمًا؛ فتجد نفسك في واقع آخر أردت أن تطبق الكلام المطلق، الكلام العام على واقعك، بغير بصيرة.

"هجر أهل البدع" نعم، وكرامة، يُهجرون ويُزجَرون هذا حق، والإجماع فيه منعقد، لكن هجر المبتدع، هو جهاد في سبيل الله والرد على المُخالف أيضًا جهاد في سبيل الله، وإذا كان الجهاد في سبيل الله له ظروف وملابسات أحيانًا يكون محرمًا وأحيانًا يكون جائزًا، وأحيانًا يكون جهاد دفعٍ تُدافع فقط، وأحيانًا يكون جهادَ فتح.
فالأول كقول الله – تعالى –: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ) [النساء: 77]. وهكذا كان الصحابة – رضي الله عنهم – يستعجلون رسول الله - - في ذلك، فيقول - - : (إني لم أومر بقتالٍ؛ فلا تقاتلوا) فمن قاتل زمنها فهو عاصٍ، لأنه خالف الوحي وخالف النص.

ثانيًا: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) [الحج: 39] أُذِن مجرد إذن وإباحة (وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) [الحج: 39].
ثالثًا: قتال من قاتلنا: قال – تعالى – : (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا) [البقرة: 190].
رابعًا: قتال المشركين كافة: قال – تعالى – : (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) [التوبة: 36].
قال شيخ الإسلام: (والصحيح عدم النسخ فلا يُقال آية السيف نسخت أحكام ما قبلها نسخًا مطلقًا وإنما النسخ عند السلف له معنى آخر يدخل في معناها التفصيل).

والراجح عدم النسخ وإنما كل آية يُعمل بها في موضعها، فآية الصبر والصفح عن الذين أوتوا الكتاب (قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الجاثية: 14]. هذه يعمل بها المُستضعَفون، لم تنسخ نسخًا مطلقًا، وآية الدفاع يُعمل بها أهل القوة نوعًا، لكن ليس في وسعهم التوسع وإنما يدفعون عن أنفسهم، وآية الفتوحات هذا في القوة العظمى بحسب القوة والإعدادات والإمدادات والعدو وما إلى ذلك.
فإذا كان جهاد الكلمة فرعًا عن الجهاد أو هو قسيمه فينضبط بأحكامه فليس هناك قاعدة تقول: إن المبتدع يُهجَر في كل زمان، وفي كل مكان، ومن كل شخص، وأيًّا كانت النتائج، ومهما ترتب من المفاسد، كما يقول الحزبيون في غزة لما حوصرت غزة: سنقاتل حتى آخر رجل، حتى يموت أولادنا ونساؤنا جميعًا، هذا ليس من الفقه في دين الله – تعالى - ، هل أنتم أشجع من النبي - - لماذا لم يُقاتل في المرحلة المكية؟

إذن فالاستضعاف له أحكامه، وأنت مستضعف، وبقيت في بلدك فردًا وحدك، ذهبت تدعو إلى الله فرجعت بخفي حنين، وقد كرهتك الأرض، ولفظتك الأرض، وأصبحت مُبعدًا مطرودًا أردت أن تهجر فهُجِرت وأردت أن تضيق فضُيِّقَ عليك، وضاقت عليك الأرض بما رحبت هذا واقع موجود في عدة أماكن متعددة، والسبب: أنتم أو نحن، نحن قسيما ذنب قد تكون فهمت عني خطئًا أو أنا قصرت في تفهيمك، فأخذت الإطلاقات فطبقتها في واقع وأنت مستضعف فبدأت بالهجر، لِمَ تبدأ بالهجر؟ وأنت محتاج للآخر لتدعوه إلى الله، أنت الذي تحتاج إليه، لأنك أُمِرت بالدعوة إلى الله – عز وجل- : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) [يوسف: 110] فأنت مأمور بالدعوة أنت قد أغلقت على نفسك سبلها ثم قلت: من شاء فليتبع ومن شاء فليبتدع قبل أن تقيم عليهم وقبل أن تبذل الوسع وقبل أن تستفرغ الجهد.

من البداية من أخطأ هُجِر ، العامِّي متى يعلم هذا؟!!، العامِّي متى تكلمه في علم الرجال وفي أشخاص معينين قد قدسوهم بقلبوهم؟!! ولا يرى الإسلام إلا في أشخاص هؤلاء، بين عشية وضحاها قلت: فلان مبتدع، وجهرت بها ولم تُراعي لا مصالح ولا مفاسد، ولم تراعي استضعافك ولا البلدة التي أنت فيها ولا قوة الخصم ولا قوة المهجور، فهُجِرت أنت وهذا ضرر ومفسدة، وما الذي جنته الدعوة؟!!!

هل الهجر فرض مُلزم لكل مسلم بلا أي ضابط؟! سبحانك! هذا لا يكون، الجهاد نفسه لابد له من ضوابط، لابد من الإعداد ولابد من القوة، أما الهجر كأن ليس في الإسلام شيء يسمى التأليف، إنما الهجر أو التمييع، فتهجر وإلا فأنت مميع، وهذا أيضًا من باب الفرار من الجرح، تخاف أن تُجرح، وأن يقولوا فلان مميع، فتهجر من يستحق ومن لا يستحق، لِمَ لا تبدأ بالتأليف؟! ولم لا تبدأ باللين؟! (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159] وقد حدث وصدق الله العظيم، وقد انفض كثير من الناس.
نحن لا نستكثر بالناس ولا يهمنا الكثرة، وهذه مسألة مهمة، لا نشفق ولا نأسى على فوات كثرة كاثرة وغثاء كغثاء السيل، لا، ولكن نحن صددناهم قبل أن ندعوَهم، من الباب على السيط السمعة فقط بسب عدم التأني عدم الحلم، عدم الحكمة عدم المهلة، لا، بل هو في جِلسة واحدة، في كل جلسة تخسر واحدًا واثنين وثلاثة أنت ما دعوتهم أصلاً، لماذا؟ أنت أصلاً لا تصلح للدعوة، بأي شيء بدأت معه، نظرت إلى أعظم الأشخاص تقديسًا في صدره فأسقطته، خلاص، لا في حكمة في الدعوة، ولا فقه لنفس هذا الرجل من أين تبدأ، ولا مراعاة هداية هذا الرجل والشفقة عليه قبل أن يفر، "إن منكم منفِّرين" قالها النبي - - لمعاذ يوم أطال في صلاة العشاء، إن منكم منفرين، والله – تعالى – يقول: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ) [آل عمران: 159] مع ما أوتي - - من الكمالات لكن لو فقد هذه الخصلة "الرحمة، واللين، والشفقة" (..لانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) [آل عمران: 159] هذه تكاد تنعدم، عُرَف الأخ السلفي بالفظاظة والغلظة وتقطيب الجبين، وإسقاط الرموز.

رابعًا: عدم مراعاة ضوابط الهجر، ذكرناه.
أيضًا النبي - - لم يهجر عبد الله بن سلول وهذا رجل كافر لكنه منافق وفي الظاهر كان مسلمًا، والنبي - - لم يقتله لأن لا يقول الناس: إن محمدًا يقتل أصحابه، وهو رجل واحد "ابن سلول" يعني لو قتله لقالوا: إن محمدًا يقتل صاحبًا له أو قتل صاحبًا من أصحابه، لكن لتعلم أن الشائعة تزداد وتزداد وتتضخم كالحجر الذي تلقيه في بحيرة، يتسع ويتسع ويتسع، فتصل إلى الناس: "إن محمدًا يقتل أصحابه"، رغم أنه ما قتل إلا رجلاً، ومع ذلك ترك هذا للمصلحة الراجحة (مصلحة الدعوة)، ودرءًا للمفسدة، ولعدم العجلة، وللتمهل، وكذلك لم يُغيِّر الكعبة إلى بناء إبراهيم – عليه السلام – وتركها على ما فيها خشية أن يقول الناس – وهذا أمر يُراعى ويُلاحظ والنبي لا يخشى أحدًا ولا يريد مراءاة الخلق - - وإنما راعى نفرة الناس عن الدعوة، نفرة الناس عن الدعوة أمر لابد أن يُراعى، شفقة منه على الناس وليس خوفًا على الناس وإنما شفقة- ألم يقل للرجلين "على رسلكما، إنها صفية، إنها زوجتي" قالوا: أفيك نشك يا رسول الله – أو نحوًا من ذلك – فقال: "خشيت أن يقذف الشيطان في قلبكما شيئًا – أو قال: شرًّا – فتهلكا" وما ضره - - لو سكت وليهلك من هلك لكن الشفقة على الخلق، حتى لا يظن الناس هذا الظن.
فهذا الذي هجرته قبل أن تبقى معه سنة – على الأقل – سنتين، ثلاثًا، أربعًا، ما المانع؟! غاية نفس الواحد منا نصف ساعة، ثم يقول: لقد صبرت عليك، لقد طال صبري ونفذ، وأنا أراجع نفسي وأقدم رجلاً وأأخر أخرى، ثم يعطي الحكم بالهجر، هذا خطأ، ولا أريد أن أشدد في العبارات، لكن هذا ليس من الحكمة وليس من الدعوة في شيء. تمهل:
تمهل علي هداك المليك فإن لكل مقام مقالا
عدم الاهتمام بكسب أفراد جدد إلى الدعوة، فصارت الدعوة يعني قد رُكِّزت في أشخاص في كل دورة نراهم، وإن الإنسان ليأسى على كتب تُشرح، ما أراها تُشرَح في مكان آخر، في مكان آخر تجد أنهم يشرحون كتبًا، يعني طالب العلم الصغير يشرحها ويذاكرها ولا تحتاج لكبير عناء، ويعلقون الناس بهم، كتب هم مثلاً صنفوها، وركزوا أنظار الشباب عليهم ولم يربطوا الشباب بكتب السلف، ولا بكتب العلماء الأكابر.
أما – بفضل الله – عز وجل - - فنحن نربط الطالب بكتب السلف، وانظر إلى ما شُرِح لك من كتب، كتاب "الإيمان" لأبي عبيد القاسم بن سلام، كتاب "شرح السنة" للبربهاري، كتاب "التوحيد" لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، "أصول السنة" للحميدي، "أصول السنة" للإمام أحمد، كتب جليلة وعظيمة، وغيرها الكثير والكثير فلا نربط بأشخاصنا، وإنما نربطك بمنهج السلف الصالح الصافي، حتى إذا أخطأنا نحن وجدنا من يسددنا فلا نربطهم بشخص معين إن زل زلوا وإن أخطأ أخطئوا، لا، ربطناك بهؤلاء الأكابر المشهود لهم.
فمع ذلك لا تجد إلا نفس الأشخاص في كل دورة وفي كل درس، يتناقصون ولا يزيدون، لماذا؟ لتقصيرك أنت، لا تأتي أبدًا إلى هنا إلا وقد دعوت إلى الله – عز وجل – "لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم" من الإبل الحمراء.
الناس يذهبون إلى الصوفية بالمآت بل بالألوف المؤلفة ولا يذهب الواحد منهم إلا وقد تأبط واحدًا واثنين دعوة منه وترغيبًا وحضًّا على سماع البدع، وعلى سماع الجهل، وأنت لا تأتي لتسمع الحق، إن أتيت تأتي متكاسلاً، مثبطًا، خائر القوى، ليس معك لا قلم ولا كتاب، جاي بس تجاملنا بحضورك الشريف، فهذا لا ينبغي أن يكون لطالب علمٍ إطلاقًا، بل إما أن تأتي وحدك على كامل استعدادك "طالب علم" وإما أن تلحق إخوانك أو تجعل إخوانك ممن تحب لهم الهداية وطلب العلم يحضرون، لماذا لا تذكر هؤلاء الشاردين الذين حضروا قليلاً وتخلفوا كثيرًا، وفاتتهم هذه الدورات.
وما الذي في هذه الدورات إلا العلم؟! إلا المناصحة؟! إلا التصحيح؟! وهكذا، فلماذا لا يحرص طالب العلم على استفادة الدعوة، والنبي - - حرص على ذلك، ألم يقل - - : (اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين)؟!
نعم، إذن الدعوة لا تحتاج أحدًا لأنها دعوة الله – تبارك وتعالى- لكن لا شك أنها تقوى، وهذا من الأسباب والله جعل كل شيء له سبب، فأعز الله الدعوة بعمر، وأنت أيضًا فلتعزز إخوانك بالدعاة النابغين النابهين الذين يحملون دعوة التوحيد دعوة السلف ليست دعوة حزبية ولا جماعة تنظيمية، ولا فكرًا كما يقولون، لا إنما هي ربط للناس جميعًا بكتاب الله وبسنة النبي - - وبفهم سلف الأمة فقط، إما بالكتيب إذ عجزت عن اللسان، إما بالرسالة إما بـ cd كثير من الناس عندهم الآن الكمبيوتر والـ cd والبلوتوث في المحاميل وغيرها، وأشرطة الدورة الآن، هذه الدورة قد فُرِغ منها معمولة على cd وكذلك تصلح للمحمول وللكمبيوتر.
هذا عن طريق الدعوة إلى البيوت – أصلاً – نساءً ورجالاً كل من عنده جهاز كمبيوتر يُعطى هذه المعلومات، وإلا فهو قد حشا جهازه بكل ضلالة، عامل بردة "اسلاميات" وجمع فيها كل من له سمت وكل من قال: "قال الله وقال الرسول" الكل عنده سواء، "اسلاميات" واحشي، هذه الدعوة يغفل عنها الكثير، وهي تعمل وأنت نائم، ارمي منجلك بين الحصادين ودعه يعمل في خفاء وأنت نائم، قد وضعت هذه البذور وضعتها، ربما صاحب هذا الجهاز يفتح الخطبة أو الدرس المعين الذي فيه العقيدة الصحيحة والمنهج القويم بعد شهر بعد سنة بعد اثنين، قد يأخذه منه آخر أو أخرى، وقد تتناقله عشرات الأيدي، إن غفلت عنه فإن علام الغيوب لا يخفى عنه "وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا" الله يعلم الذنوب ويعلم أيضًا الحسنات، الحسيب الرقيب المقيت.
الإنسان يعجب إذا فكر في هذا الأمر، مثلاً كلمة أنا قلتها الآن انتفعت بها أنت وأنا نسيتها – أصلاً – انتفعت بها أنت كلمة في العقيدة في خطبة أو في درس أو في رسالة أو في غير ذلك انتفعت بها، وبعد عشر سنين حدث موضوع في الشارع فذكرتها لأخ آخر والآخر ذكرها وسافر في مكان معين وذكرها في جمع معين ونقولها عنه، البعض فهمهما بنسبة والبعض فهمها بنسبة أعلى، وهذه الأجور أنت نسيتها أصلاً، كيف تضبط، كيف تُحسب لك يوم القيامة في صحيفتك، هذا لا يمكن أن يُتَصوَّر، فضلاً عن أن تُحاسب عليه إلا علام الغيوب، إلا الحسيب "سريع الحساب" – تبارك وتعالى – كلمة انطلقت منك إلى كم أذن إلى كم قلب وعيها، ونسبة الوعي واستفاد منها كم موقف؟
هذه الكلمات التي نحن نتكلم بها الآن لابن قُدامة من يوم ألف لمعة الاعتقاد إلى الآن كم مرة درست، وهؤلاء الذين درسوها ودرست لهم انتقلت المعلومات التي فيها إلى كم، وكم بدعة قُمِعَت بها، هل يستطيع ابن قُدامة لو نشره الله الآن يُحصي عدد من انتفع وقدر الانتفاع، مستحيل، لكن الله يُحصي ذلك يحصيه عددا وعدًّا، وأنت نائم.
فاحرص على الدعوة بالكتيب، بالرسالة، بالشريط، بالـ cd، بالبلوتوث، وبغير ذلك،– ألقها كلمة أنت لا تستطيع أن تعبر، ربما دخل الموقع ونظر وجد المعلومات أو الكتب ولو بعد حين، والآخر قد ينقلها بغير قصد، لكن رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه وليس بفقيه، لكن له الأجر، لأنه حفظ هذا وبلغه إلى غيره.
ومن هذه التنبيهات: سادسًا: أن كثيرًا من إخواننا من الدعاة وطلبة العلم صاروا كما قلت رمزًا للنفور والنفرة والبغضة في قلوب الناس وما ذاك إلا لسوء البداية، حتى أصبحت كل طامة تُلصق بكم، على مجرد الشائعات، الصيت قد سبقك، إذا وقفت في مكان وجدت ألفًا يُحذرون منك، وأنت الذي كنت – أصلاً – حامل لواء التحذير أصبح يُحَذَّر منك، ونحن لا نخاف من التحذير، فليحذر من يحذر، لكن الذي نأسى عليه أن يكون التحذير من إنسان لم نتقي الله فيه ونحن صددناه عن الدعوة بفعلنا وجهلنا وحماقتنا واندفاعنا في بعض المواقف، كن حكيمًا.
الذين يدعون نحن لا نتأسى بهم، لكن نأسى على حال إخواننا الدعاة أصحاب المنهج الصحيح، والعقيدة الصحيحة أن لا يُرزق الواحد منهم أسلوب في الدعوة فتجد لسانه تنطلق منه السهام، أما الآخر في أسلوب الدعوة تجده يتقاطر منه الشهد، وكأننا قد رُمِينا بكل جمرة، ورُمي غيرنا بكل تمرة، فلنا كل جمرة، ولغيرنا كل تمرة.
هذا الكلام لمن يكون؟ وهل تعتقد أنك في زمن الإمام أحمد؟ الذي كان إذا قال لفلان "اهجروه" ضاقت عليه الأرض بما رحبت، انظر إلى عمر – رضي الله عنه – يوم أمرهم بهجر صبيغ بن عسل ضاقت عليه الأرض بعد أن تاب أمرهم أن يهجروه سنة كاملة والرجل تائب ويقول: لا تجالسوه، نعم، كان في زمن العزة عزة الإسلام وفي قوة السنة، أنت في زمن ماذا؟ في زمنٍ أهل السنة فيه من أقل القليل وخلاصة أهل السنة هم من أقل أقل أقل القليل ومع ذلك أنت تتحدث بلسان الإمام أحمد ولسان ابن معين ولسان علماء الجرح والتعديل لا تراعي شريفًا في قومه ولا عظيمًا بين أهله، وإنما تسقط الحكم مباشرة وليكن ما يكون؛ فإذا قيل لك نفَّرت، قلت: حتى لا أكون متميعًا، فصرنا نتقبل الرمي بالتنفير خشية الوقوع في التمييع.
نحن لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، اعتدل وتلطف في الدعوة وارفق، والرفق لا يُوضَع في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه.
أيضًا النبي - - لما خاطب هِرَقل أرسل إليه رسالة قال فيها: إلى هِرقل عظيم الروم..، راعاه بين قومه، فأنت تجد أن بعض الناس قد عظموا أشخاصًا معينين، فلا يكن بداية دعوتك التركيز على هذا، دعك منه، دعك منه الآن، وإنما ركز في طلب العلم، الدعوة إلى التوحيد، الدعوة إلى المنهج بعامة، إعطاء الكتب الشرعية التي يستفيد منها في دينه ودنياه، أما أنك ترى لزامًا عليك، وواجبًا عليك، وحتمًا عليك، في نفس الموقف وفي نفس المجلس وفي نفس الساعة أن تعطيه كل ما عندك، تعطيه في جرعة واحدة مركزة، ثم يكون هذا اللقاء هو الأول والأخير.
ومن هذه التنبيهات: أن البعض يحرص على إقامة الحجة أكثر من حرصه على هداية المدعو، يكون همه أن يسمع معلومات فقط، إقامة الحجة على الشخص أكثر من الهم لهدايته، ليس من شرط إقامة الحجة أن يقيمها أنت، وليس من شرط إقامة الحجة أن تكون في مجلس واحد وليس من شرطها أن تكون في أسبوع أو شهر أو أكثر، وأنت أصلاً لست تحسن إقامة الحجة، لكن البعض قد يرى ذلك فإذا رأى منكرًا لابد أن يغيره مهما كان، وقد ضربت لك أمثلة بأن النبي - - لم يغير بناء الكعبة وتركه على ما هو ولم يرده إلى قواعد إبراهيم للمفسدة، لم يقتل ابن سلول درءًا للمفسدة، تألف أقوامًا وهجر آخرين، هجر بعض صحابته الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك والذي تخلق بالخلوق، وألف أقوامًا آخرين هم دونهم في الفضل، الحرص على هداية الناس، احرص أن يكون هذا الرجل في ميزان حسناتك، لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم، فكيف بعشرة؟ فكيف بعشرين؟!فكيف بأكثر من ذلك؟!
كثير من الطلاب الهم الأكبر إقامة الحجة، ثم بعد ذلك يوالي ويعادي على ذلك، ثم بعد ذلك يلزم الآخرين بهذا الحكم، فلان أنا أقمت عليه الحجة، ما موفقك منه؟ إن جلست معه فأنت مبتدع، وهذه فيها ما فيها، من أنت حتى تقيم الحجة، ومن كلفك بإقامة الحجة، وهل إقامة الحجة تكون في هذا الشخص بعينه؟! مثلاً في هذه المسألة، هلَّا أقمت عليه الحجة في مسائل أخرى؟ مسائل التوحيد – مثلاً -، وبعدين ليس بين عشية وضحاها، لا بأس من التلطف، بل إذا قلنا: إن التلطف هو المطلوب في هذا الزمن ما ابتعدنا عن الصواب، لأننا مستضعفون، ولأننا قلة، ولأن أعداءنا لهم الشوكة من أهل بدع ومن متحزبين، وممن لهم صولة وجولة، وأنت مستضعف ووحدك وقليل وضعيف العلم، ضعيف التحصيل العلمي، وسيء التصرف، ومبغوض إلى الناس، طبعًا ليس كل الناس، لكن كل واحد يعلم من نفسه شيئًا من ذلك.
ومن هذه النصائح: أن البعض ينشغل بمشاكل تقع في أطراف الأرض بين الدعاة فيأبى إلا استيرادها ووضعها عندنا، أطراف الأرض تقع فيها مشاكل بين الدعاة ومسائل تجد، أو تحدث مسألة معينة، ونحن قد وقانا الله شرها، مسألة معينة تقع يحدث نقاش بين طلاب العلم، فهذا يقول كذا والآخر يقول كذا، ثم تبدأ الصولات والجولات على صفحات المنتديات، يبدأ الذي تشبع بها على الإنترنت يأتي ليبثها هنا، فإذا أعرض عنها الشيخ، كثيرًا ما يسألني بعض الطلاب عن مسائل معينة أنا أعرفها ولكن إما أن أختصر له الجواب وإما أن أنصحه بالبعد عنها فيأبى إلا السؤال فيها مرة أو مرتين، قد وقانا الله شرها فلِمَ نستورد؟! هذه في المشاكل التي قد أغنانا الله عنها، لا تحرص على زيادة الشرور، فالخلاف كله شر، في كل فترة نأتي بمشكلة، كان الصف واحدًا ثم بدأت مشاكل، نعم عند كل مشكلة وعند كل بلية يبدأ التحيز إلى جانب والآخر إلى جانب حتى تبقى مثل السيف فردًا وحدك، لا يضرك إذا أتيت بالضوابط، ولو بقيت في القرى وحدك، هذا لا يضرك، لكن العار كل العار على من يفعل ذلك بغير علم وبغير بصيرة وبلا داعي، مسالة لسنا في حاجة إليها لِمَ نثيرها الآن؟! دعها سنة سنتين عشر سنين، ليس من المتحتم الآن أن توضع هنا يُوالى ويُعادى عليها، ويُفَرَّغ لها دروس، وهذا الطالب شاغل نفسه أقول: له يا ابن الحلال ذاكر فيما ينفعك وكأن المر ض قد دخل إلى سويداء قلبه لا ينام الليل شغله هذه، المسألة بعينها، كأنه إن أتقنها دخل الجنة، وإن تركها دخل النار، وإذا أوصاه شيخه فإنه لا يثق بالشيخ.
واعلم إن كنت ترى هذا شيخًا لك فرأي الشيخ خير من مشهد الغلام، لو رأيت بعينك وقلتُ لك: دعها، فلا تقل: لا، وإنما ثق، نعم ترى هذا الشيء لكن لا ترى أبعاده فتريد أن تخوض في هذه الفتنة من جديد، وقد خاضها قبلك شيخك؛ فإذا أمرك بالإبعاد عنها أو نصحك بالبعد عنها، أو بتسويفها الآن – ليس الآن وقتًا له لا تشغلنا -، نحن في حاجة إلى تأصيل العلم وتقعيد القواعد ودراسة كتب السلف، وهذه المسائل دعها للشيخ نفسه، ربما الشيخ يجيب فيها لكن لا يريد أن يشغلك أنت بها، فضلاً عن أن تبثها بين الطلاب، ثم ترمق الشيخ بعين:آه الشيخ مميع، لم يجبني، الشيخ يتهرب، بهذه الطريقة لن تصل إلى شيء، وقد بلغني عن البعض أنه يقول: أنا لما سمعت كلام الشيخ "أنا شعرت في نفسي بالتمييع، وأنا أعرف شخصه، كلن نُقِل لي عن بعضكم أنه قال ذلك، أشعر بالتمييع، تمييع إيه، هو التمييع إحساس بالترمومتر اتحطه: أنا شاعر بالتمييع، التمييع لأنك وصلت إلى مرحلة الغلو فلما أنزلك الشيخ إلى الاعتدال قلتَ: أنا مميع، مسألة نسبية، إيه التمييع اللي أنت فيه، أنت ما تركت أحدًا إلا خضت فيه، ما تركت كذا إلا وتكلمت فيه، تمييع إيه اللي أنت فيه، أنت ما أبقيت شيئًا للرفق وما أبقيت شيئًا لشيخٍ، فمسألة: إني أشعر التمييع، تمييع إيه؟! أي تمييع وأنت ضعيف علميًّا ضعيف بدنيًّا، قليل عددًا، لآن آذان تسمع لك، قد أوصدت وأُوصِدَت دونك الأبواب، ادع نفسك، ما الفائدة في هذا؟!
فالانشغال بمشاكل تقع في أطراف الأرض بين الدعاة وشغل شبابنا بها هذا لا ينبغي أن يكون.
إهدار الوقت أمام المنتديات: والتصفح على الإنترنت، إذا كنا نقول ترك القراءة في كتب أهل البدع، فأهل البدع لهم منتديات ولهم مواقع، ولهم إصدارات فالذي يتصفح يقول: أقرأ الأحداث، وأنظر هنا وهناك، لا شك أنه ستقع عينه على قبيح، أو يشم أخبث ريح، فتتعلق به الشبهة بدعوى التصفح، وينظر ماذا قال فلان وماذا قال علان، أهل البدع قد كودنوا شبابهم حولهم، نسأل الواحد منهم فيقول: لا، أنا لا أدخل على النت أصلاً، قد اكتفى بشيخه، ونحن لا نريد ربط الشباب بشيخ، يعني بنا بأشخاص نربطك بمنهج فاكتفي بالمنهج واسأل وتابع واطلب العلم، الإشكال أنه لا يكتفي بذلك بل يأخذ من هنا وهناك وقد تصدر لينظر ويضيع وقته ويفرط فيما وجب عليه.
هذه بعض النصائح التي إن وجدت آذانًا صاغية وقلوبًا واعية يُرجى أن تُثمر هذه الدعوة من جديد، تُثمر من جديد، وإلا فكم من باب نحن أغلقناه على أنفسنا، كم من هجر كان في غير موضعه، وكم من تشدد قد فرطنا في كدحه من أوله، وإلا فطالب علم إن شئتُ سميت أكثر من خمسة من الطلاب أو أكثر أو أقل في عدة بلاد وقُرى، كل واحد قد كفانا من خلفه، واحد في البلد يكفي فقط لا غير، أعطى عن الدعوة أسوأ تصور، بجلسة أو بجلستين، خلاص أصبح هؤلاء هم المداخلة، ده اللقب القديم، وطبعًا لسه في ألقاب أخرى الحدادية، ولسة ألقاب أخرى.
ما ضر طالب العلم لو سكت في هذا الوقت وهو مستضعف وجاهل، أنا لا أقصد أحدًا، ولكن ده الواقع، يسكت ويترك الدعوة بالرسالة بالكتيب ولا ينبغي أن يعتقد أنه كل ما سمعه من الشيخ لابد أن ينفذه هناك، لا ادفن نفسك في الأرض البوار، ادفن نفسك الآن حتى تنبت ول بعد حين، لا تستعجل، لا تستعجل، فإن العجلة لا تأتي بخير.
أسأل الله – تعالى – أن ينفعني وإياكم وأن يرزقنا الحق والحكمة والهدى بغير إفراط ولا تفريط. نسأل الله أن يمن علينا بذلك.
وصلى الله على نبينا محمد وآله والحمد لله رب العالمين.
....................
لفضيلة الشيخ محمود بن محفوظ
http://www.mahfoouz.com/index.html)
_____________________
قولت أنا #abou゚moaz
أنَّ هذه النصيحة الغالية الثمينة مُفرغة من مقطع صوتي للشيخ محمود بن محفوظ عقب أحدي الدورات العلمية في مسجد عبدالرحمن بن عوف.
وذلك كان قبل أحداث(25يناير الاولي) بفترة من الزمن لا أذكر مدتها تحديداً ...
وهذه النصيحة آناذاك كانت خاصة لطلاب العلم بمحافظة سوهاج..
فقمتُ بنشرها لتكون الفائدة عامة وغير مقتصرة لا علي الزمان ولا المكان ..
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق