إعراب وفوائد من سورة القدر



|| إعراب وفوائد من سورة القدر ||
صوتي || https://a.top4top.net/m_887hf30w1.mp3||
مرئي ||https://youtu.be/x6JDcHkVxho ||

تحميل الملف بصيغة الــpdf ـ||https://up.top4top.net/downloadf-1090psor51-pdf.html ||ـ
#برنامج_مجالس_رمضان1439 
إعراب قصار السور... فوائد نحوية، وصرفية ،وبلاغية، وتفسيرية
======================

إِعْرَابُ وَفَوَائِدُ
مِنْ "سورة القدر"

كَتَبَهَا
أَبُو طَارِق
مَحْمُودُ مَحْفُوظ



بسم الله الرحمن الرحيم
مدخل
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه، ونفخه، ونفسه ....
بسم الله الرحمن الرحيم.
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ۞ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ۞ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ۞ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ۞ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾
﴿إِنَّا: أصلها إننا،
 إنّ: حرف ناسخ،
  (نا) اسم إن ، وحُذفت النون لتوالي الأمثال، لتوالي ثلاث نونات،
        وبقيت الألف.
﴿أَنزَلْنَاهُ﴾: أنزل: فعل ماض مبني على الفتح المقدر،
 أو مبني على السكون لاتصاله بنا الفاعلين،
مبني على الفتح المقدر كما عند الكوفيين،
ومبني على السكون عند البصريين لاتصاله بنا الفاعلين.
·       ﴿أَنزَلْنَاهُ﴾:  
·       والفاعل نا الفاعلين في محل رفع ،
·       والهاء في محل نصب مفعولٌ به.
·       ﴿أَنزَلْنَاهُ﴾: الجملة كلها في محل رفع خبر إنّ.
·       ﴿فِي﴾: حرف جر.
·       ﴿لَيْلَةِ﴾: اسم مجرور بفي وعلامة جره الكسرة.
·       ﴿لَيْلَةِ﴾: مضاف.
·       ﴿الْقَدْرِ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾.
·                     ﴿وَمَا﴾: الواو عاطفة ،
·       ﴿أَدْرَاكَ﴾: أدرى فعل ماض مبني على الفتح المقدر،
·        والفاعل ضمير مستتر تقديره (هو) يعود على الله -عزَّ وجلَّ-
·       والكاف في محل نصب مفعول به.
·                     ﴿مَا﴾: استفهامية، اسم استفهام مبهم مبتدأ،
·                      والجملة بعده خبر.
·                     ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾: مبتدأ وخبر،
·                     ﴿وَ﴾: حرف عطف،
·                      ﴿مَا﴾: اسم استفهام مبهم في محل رفع مبتدأ،
·                     ﴿أَدْرَاكَالجملة فعل وفاعل ومفعول في محل رفع خبر المبتدأ.
·                     ﴿مَا﴾: تدل التعظيم، وهي مبتدأ.
·       ﴿لَيْلَةُ﴾: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
·        ﴿الْقَدْرِمضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
﴿مَا أَدْرَاكَ﴾: مبتدأ وخبر، ﴿مَا لَيْلَةُ﴾ مبتدأ وخبر.
·                   ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ﴾: مبتدأ وخبر.
·       ﴿ليْلَةُ﴾: مبتدأ.
·       ﴿الْقَدْرِ﴾: مضاف إليه.
·       ﴿خَيْرٌ﴾: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
·       ﴿مِنْ أَلْفِ﴾: جار ومجرور.
·       ﴿أَلْفِ شَهْرٍ﴾:  مضاف ومضاف إليه.
·       ﴿تَنَزَّلُ﴾: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة،
·       وأصله: تتنزل وحُذفت إحدى التاءين للتخفيف،
·       لماذا مرفوع؟
·        لأنه لم يسبقه ناصب ولا جازم،
·        ولماذا بالضمة الظاهرة؟
·       لأنه صحيح الآخر.
·       ﴿الْمَلائِكَةُ﴾: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
·       ﴿وَ﴾: حرف عطف.
·       ﴿الرُّوحُ﴾: معطوفة على ﴿الْمَلائِكَةُمرفوعة بالضمة الظاهرة.
·       ﴿فِيهَا﴾: جار ومجرور.
لها إعرابٌ آخر :
 ﴿وَ﴾: استئنافية،
 و ﴿الرُّوحُ فِيهَا: مبتدأ وخبر،
﴿الرُّوحُمبتدأ، و ﴿فِيهَاجار ومجرور في محل رفع خبر.
﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَاعلى العطف يكون المعنى تتنزل الملائكة في ليلة القدر، وتتنزل أيضًا الروح في ليلة القدر.
وعلى الاستئناف تتنزل الملائكة في ليلة القدر ﴿وَالرُّوحُ فِيهَايعني: الروح موجودةٌ في ليلة القدر.
·       ﴿بِإِذْنِ﴾: الباء حرف جر.
·       ﴿إِذْنِ﴾: مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة.
·       ﴿إِذْنِ﴾: مضاف.
·       ﴿رَبِّهِمْ﴾: مضاف إليه، رب مضاف وهم مضاف إليه.
·       ﴿مِنْ: حرف جر.
·       ﴿كُلِّ: مجرورة.
·       ﴿أَمْرٍ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
·       ﴿سَلامٌ هِيَ﴾: مبتدأ وخبر، وقيل: خبر ومبتدأ.
·       ﴿هِيَ﴾: مبتدأ مؤخر.
·       ﴿سَلامٌ﴾: خبر مقدم.
وقيل بالعكس عند مَنْ يجيز الابتداء بالنكرة.
·       ﴿سَلامٌ﴾: مبتدأ.
·       ﴿هِيَ﴾: خبر.
·       ﴿حَتَّى﴾: حرف جر يفيد الغاية.
·       ﴿حَتَّى مَطْلَعِ﴾: مجرور بحتى وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
·       ﴿الْفَجْرِ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
هذا فيما يتعلق بالإعراب.
فيما يتعلق بالفوائد:
نقول وبالله تعالى المستعان:
﴿إِنَّا﴾ ضمير العظمة فهو المعظم لنفسه -جل وعلا-
 يقول: ﴿إِنَّا﴾ يعني: نحن ﴿أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
﴿إِنَّا﴾ والتعظيم لا ينافي التوحيد، التعظيم لا ينافي أنه إلهٌ واحد ؛
 ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ۞ اللَّهُ الصَّمَدُ۞  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾
فتعدد الصفات لا تنافي واحدية الذات،
فالله واحدٌ في ذاته وله الأسماء الحسنى والصفات العلى،
ولما كان هذا الموضع موضع اشتباه وبعض الناس تقول: أنت تقول: ﴿إِنَّا﴾ فالآية تُنكر على مَنْ يعدد ويقول (الآب والابن والروح القدس) تعدد الآلهة فعندك القرآن مثلما بعض الملحدين يقول لك: التثليث موجودٌ عندكم في قرآنكم !!
أين ؟
يقول: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ ۞ إِلَهِ النَّاسِ ﴾  ثلاثة !!
 زكريا بطرس الملعون يقول لك:  أنا أحضر لك أدلة عليه في القرآن التثليث، ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ﴾ يقول لك: هذه ثلاثة.
وجوابنا:
أيها الحمار كف عن هذا النهيق!!
 هذه ثلاث صفات ولا ثلاث ذوات،
 عندكم الآب والابن والروح القدس آلهة متعددة، وذوات مستقلة ، وأقانيم محددة،
ثم في يقولون: إله واحد!!
 فكيف ثلاثة واحد؟
 يقول لك: أنتم عندكم التسعة وتسعين واحد،
التسعة وتسعون-عندكم- واحد، فلماذا تنكرون علينا أن يكون ثلاثة –فقط- واحداً ؟!!
الله -عزَّ وجلَّ- له تسعةٌ وتسعون اسمًا، فنقول: هذه أوصاف لموصفٍ واحد،
أنت أيها الرجل واحد أم أكثر؟
واحد،
فيك صفة الطول، صفة القوة، صفة السمع، صفة البصر، صفات لا حصر لها وأنت في النهاية واحد، ولله المثل الأعلى ...
فالله -عزَّ وجلَّ- واحدٌ في ذاته لكن له الأسماء الحسنى والصفات العلى،
وهذا بخلاف الشرك عندكم آب هذا مستقل غير الابن هذا مستقل،
 غير الروح القدس هذا مستقل،
ثم يقول : إله واحد !!
إن يقولون |إلا كذباً...
ليس كل طوائف النصارى تقول إله واحد، لا، عندهم ثالث ثلاثة،
ومنهم مَنْ يقول: ابن الله، فهذه الطوائف مختلفة: أرثوذكس، كاثوليك، بروتستانت على الخلاف المعروف بينهم في مللهم، هل ترجع إلى أصل واحد أم هي متحدة؟
لكن في عقيدة التوحيد الله -عزَّ وجلَّ- واحدٌ لا شريك له.
يأتي عند هذه الآيات ﴿إِنَّا﴾ ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ﴾[ق:16]
فيقول لك: ﴿نحْنُ﴾ هذا جماعة فيكون في تعدد،
 نقول له: لا، القرآن نزل بلغة العرب، ولغة العرب جرى استعمالها على أنّ الواحد المعظم لنفسه يستعمل ضمير الجمع،
 يقول: نحن أمرنا وهو واحد، الملك يقول: نحن أمرنا، أصدرنا الأوامر.
فإذًا هو واحدٌ يُعظِم نفسه، ومع ذلك انظر إلى أسلوب القرآن العجيب...
 ما من موضعٍ فيه ضمير العظمة إلا وجاء بعده في سياقه ما يدل على التوحيد وهذا أمرٌ عجيب،
لم يُغفل في كتاب الله -تبارك وتعالى- مثلًا: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ الجمع التعظيم، .......
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ
 فالرب توحيد، بعد إنّا قال ربهم بصيغة الإفراد لدفع توهم الشركة ...
أخذنا قبل ذلك ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۞ فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾[الكوثر:1،2]،
 فهذه ﴿إِنَّا﴾ يقول لك: هذا جمع !
قل له: اقرأ الذي بعده ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ فهو واحد.
﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾[الشرح:1] ﴿نَشْرَحْ﴾ هذا جمع،
 لكن لا هو ضمير العظمة الله -عزَّ وجلَّ- هو الذي يشرح وحده لا شريك التعظيم، ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ .....
 وَوَضَعْنَا ....
وَرَفَعْنَا....
ماذا قال بعدها ؟
 وَإِلَى رَبِّكَ فارغب !!
يعني عندما تأملت ذلك ورايته مطردا في كتاب الله وجدت عجبًا سبحان مَنْ أنزل هذا القرآن، تجد أنّ كل ضمير اُستعمل للجمع رغم أنه في سياق اللغة العربية صحيح مائة بالمائة، لكن لا بُدَّ من دفع هذه الشبهة لأن المقام مقام توحيد ...
وإنه لتنزيل رب العالمين ...
................................................................................
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ
ما مرجع الضمير؟
ما الذي ربنا أنزله؟
الجواب: القرآن.
 وهل مضى له ذِكر في الكلام؟
المعروف من لغة العرب: أنّ الضمير يعود على اسم ظاهر سبقه ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ فالهاء تعود على محمد -صلى الله عليه وسلم- فيأتي الاسم الظاهر ﴿مُحَمَّدٌ ثم عندما يذكر مرة أخرى يستبدل بالضمير  مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ...ثم قال...وَالَّذِينَ مَعَهُ.
لكن هنا  قال ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ من أول الكلام ﴿أَنزَلْنَاهُ ما هو؟
لم يقل أحد في الدنيا: ما هو أبدًا، لا يوجد مخلوق حتى اليهود ولا النصارى ولا الذين نزل عليهم القرآن من مشركي العرب، لم يقل شخص: ما هو نحن لا نعرف المقصود
 ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ الذي هو القرآن، ضربة لازب، وقولٌ واحد، لا مثنوية فيه.
هذا دليل على علو شأن القرآن، أراد الله -عزَّ وجلَّ- أنْ يعلي قدر هذا القرآن الذي هو كلامه من ثلاث أوجه في الآية:
- أولًا: أنه أسنده لنفسه، ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ يعني: في آيات أخرى ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ﴾[الشعراء:193]، لكن في هذا الموضع ﴿إِنَّا فأسنده الله لنفسه هذا أول لون من ألوان التعظيم.
- الثاني: أنه عبر عنه بضمير الغائب دون سابق اسم ظاهر ﴿أَنزَلْنَاهُ الكل يعرفه لشهرة القرآن، ولمجد القرآن، وللتنويه بالقرآن، وأنّ القرآن لعموم قدره لا يحتاج أن تذكره باسمه والكل يعرفه، أعظم كتاب وأجل مكتوب، حتى على مستوى الأمم الكافرة، على مستوى الكرة الأرضية أعظم كتاب خُدم وشُرح،  هو كتاب الله -عزَّ وجلَّ-
اسأل اليهود، اسأل النصارى، اسأل المطابع ودور النشر، لا تجد كتابًا خُدم كما خُدم كتاب الله عزَّ وجلَّ.
الثالث: تعظيم زومان نزوله ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ۞ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ۞ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ليلة القدر ذُكرت ثلاث مرات،
وسُميت بليلة القدر لكي الذي نزل فيها،
فلما عظم الله الزمان دلَّ على تعظيم المُنزل،
فلماذا ليلة القدر عظيمة؟
الجواب: لأنّ القرآن نزل فيها .
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾[الدخان:3]،
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾،
 ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾[البقرة:185]،
فالقضية كلها في القرآن، فتعظيم ليلة القدر أصلًا ناتج عن تعظيم القرآن، فلما عظَّم الله ليلة القدر ذكرها ثلاثة مرات في سورةٍ قصيرة.
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾، وما أدراك ما هي؟ لا، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ [14:20] ليلة القدر ثلاث مرات، فالتنويه بزمان التنزيل يدل على عظمة المنزل، فهذه ثلاثة أوجه لتعظيم القرآن.
الضمير: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ﴾ إسناده لله -عزَّ وجلَّ- ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ﴾.
- الثالث: تعظيم الزمان الذي نزل فيه.
................................................................................﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ ولم يقل: (إنَّا نزَّلناه في ليلة القدر)!
هل هناك فرقٌ بين (أنزل) و(نزَّل)؟
 القرآن ورد فيه أنزل وورد فيه نزَل...
بعض العلماء يقولون بوجود الترادف في لغة العرب أو الترادف في كتاب الله،
 يقولون: أنزل هي نزَّل، وإنَّما استعمل هنا أنزل وهنا نزَّل من باب التنويع في العبارة ؛
لدفع الملل عن النَّاس، وهذا لونٌ من ألوان البلاغة،
وهذا الجواب لا نرتضيه ، لمجرد دفع الملل ،
ولا شك أنه مقصد عظيم،
وهو أمرٌ مُراد ومطلوب، لكن ليس هو كل السر وراء ذلك!
 لو نظرنا مثلًا في قوله تعالى: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ﴾[آل عمران:3]،
تأمل،﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ثم  ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ﴾ !!
 مما دعا بعض العلماء أنْ يقول: ﴿أَنْزَلَ تستعمل لما نزل جملةً واحدة؛
 لأنّ التوراة نزلت على موسى-عليه السلام- مكتوبة في كتاب في الألواح وكذلك الإنجيل. الإنزال لما نزل جملةً واحدة،
والتنزيل لما نزل منجمًا حسب الوقائع وحسب الحوادث،
فيقولون: انظر ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾ هذا الكتاب هو القرآن  نزل منجمًا ،
كل واقعة تحصل تنزل آية أو اثنتين حتى تم تنزيله في ثلاثة وعشرين عاماً،
لكن التوراة نزلت جملةً واحدة، لذا قال  ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ﴾.

لكن بعض العلماء أورد إشكال في آية من كتاب الله -عزَّ وجلَّ- ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾[الفرقان:32]
 نحن نعرف التنزيل للقرآن لأنه نزل منجمًا، لكن في هذه الآية: ﴿جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ مستعمل معها ﴿نُزِّلَ لم يستعمل معها أنزل.
فكان المتوقع أنّ القرآن طالما هم يريدونه جملة واحدة، إذًا يريدوه مثل التوراة والإنجيل فيكون أنزل ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾[الفرقان:32]، ﴿لَوْلا نُزِّلَ كيف ﴿نُزِّلَ مع ﴿جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾؟
هذا جعلهم يترددون في القاعدة التي وضعها البعض إن أنزل لما نزل جملة، ونزل لما نزل منجمًا مفرقًا.
وقد أجيب عن هذه الشبهة بجوابين:
 الأول: قولهم: ﴿لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ هم علموا أنّ القرآن نزل نجومًا،  حسب الوقائع ،يُسأل عن الطلاق، يسأل عن الحج، يُسأل عن كذا، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾[البقرة:222] فتنزل الآيات منجمة.
 فقالوا: من ضمن الآيات التي اقترحوها لولا نزِّلت هذه النجوم دفعةً واحدة،
 فنزّل متعلقة أصلًا بالنجوم، نزّل على بابها لولا نُزلت هذه النجوم والقطع من القرآن، ، هذا الجواب الأول.
- الجواب الثاني: أنّ هؤلاء علموا يقينًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمي لا يقرأ ولا يكتب،
وأنّ القرآن ينزل عليه مسموعًا؛ يسمع من جبريل ثم يلقيه إلى أصحابه فيكتبون،
فقضية أنّ القرآن ينزل مثل التوراة والإنجيل مستبعدة، الكفار لم يقصدوها أصلاً؛
لأنّهم يعرفون أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- هو نبي أمي فلم يطلبوا إنزالًا كالتوراة والإنجيل مكتوبة ما قصدوا هذا أصلًا.
فالقضية أنّه حتى لو طلبوا أنْ ينزل القرآن جملةً واحدة ما قصدوا أنْ ينزل مكتوبًا كما مر معنا، وإنَّما قصدوا أنّ الملك يقرأه على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في مقامٍ واحد، يوم بعد يوم، ،
يحضره بالترتيب يقرأ يقرأ  كله حتى ينتهي منه مرة واحدة،
في هذه الصورة التي طلبوها ؛ متتابعة مرتبة ، لا جملةً واحدةً مثل التوراة والإنجيل؟
ليست كالتوراة والإنجيل لأنها ليست مكتوبة؛ وبالتالي تكون نزل على بابها،
وتبقى القاعدة مطردة أنّه مع التنزيل يكون التتابع، ومع الإنزال يكون جملةً واحدة.
.......
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فعلى القاعدة السابقة -في الفرق بين أنزل ونزَّل -يكون القرآن نزل جملةً واحدة...
 لكن كيف نزل جملة واحدة وقد علمنا قطعاً أنه نزل منجماً؟  
وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا الإسراء(106)
قال الطبري –رحمه الله-:
( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ ) قرأته عامّة قرّاء الأمصار (فَرَقْناهُ) بتخفيف الراء من فرقناه، بمعنى: أحكمناه وفصلناه وبيناه ،
وذكر عن ابن عباس، أنه كان يقرؤه بتشديد الراء " فَرَّقْناهُ" بمعنى: نـزلناه شيئا بعد شيء، آية بعد آية، وقصة بعد قصة.اهـ.
وهذا يؤيد ما تقرر معنا قبل ذلك
بدليل هو الذي ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾
 ﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ﴾،
لكن في التوراة والإنجيل ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ﴾،
﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾،
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ هذا (أنزل) ليس نزل، فما معناها؟!!
الجواب:
أنّ القرآن نزل كاملًا إلى سماء الدنيا إلى بيت العزة كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما- نزل في ليلة القدر كاملًا إلى سماء الدنيا، وكتبته الكتبة، ثم نزل به جبريل على حسب الحوادث والوقائع لمدة ثلاث وعشرين سنة،
فنزل جملةً واحدة ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا دفعةً واحدًا، فأنزل على بابه.
فإذا نظرنا إلى إنزاله جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا كان المناسب ( أنزل)
وإذا نظرنا إلى التنزيل على النبي –صلى الله عليه وسلم- طيلة سني الدعوة كان المناسب ( نزَّل )
والله أعلم.

القول الثاني: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ على تقدير محذوف يعني إنّا ابتدأنا إنزاله،
 بداية الإنزال الدفعة الواحدة ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ﴾ فتكون أنزل على بابها  وتكون عائدة على النجم النازل ، ولا شك أن النجم الواحد من هذه النجوم ينزل دفعة واحدة ،
والله أعلم .


﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ لماذا سُميت ليلة القدر بليلة القدر ؟
أهي من القَدْر بمعنى العظمة، القدر العالي، والشرف، والذِكر؟
أم القدَر بفتح الدال؟
بعض العلماء يرجح قولًا والآخرون يرجحون قولًا آخر،
ليلة القدْر من القدْر العالي والشرف العظيم بشرف ما نزل فيها؟
أو القدَر؛ لأنّ الله تعالى قال: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ۞ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾[الدخان:3،4]، ففي تلك الليلة يقضى فيها الموتى، ويقضى فيها الآجال والأرزاق والحُجاج، كل شيء يُقضى فيها حتى الحجاج؟
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ تكون ليلة القدَر.
إذًا هي ليلة القدَر.
والشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- جمع بين القولين: فقال هي ليلةٌ ذات قدرٍ عظيم لا شك في ذلك وفيها يفرق كل أمرٍ حكيم لا شك في ذلك.

﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ۞ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِتعظيمٌ بعد تعظيم،
﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾
 ﴿الْقَارِعَةُ ۞ مَا الْقَارِعَةُ ۞ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۞ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ،
هذا الأسلوب اطّرد القرآن الكريم للتفخيم، وللتعظيم، وللتهويل من شأن الأمر الذي جاء تعلق به.
﴿وَمَا أَدْرَاكَ وما الذي أدراك ؟
وأي شيءٍ أدراك،؟
 قال سفيان بن عيينة رحمه الله: "كل شيءٍ في القرآن ﴿وَمَا أَدْرَاكَ فهو مما أدراه الله لنبيه، ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ فهو مما لم يدريه الله لنبيه-صلى الله عليه وسلم-" اهـ
 ﴿وَمَا أَدْرَاكَ وردت في القرآن ثلاث عشرة مرة وكلها قد أطلع الله نبيه –عليه السلام-على ما فيها، ﴿وَمَا أَدْرَاكَنفي للماضي فقط، لكن الآن قد أدراك.
لكن ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ نفي المضارع، والمضارع كالمستقبل( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾،
﴿وَمَا يُدْرِيكَ لا سبيل إليها، لكن ﴿مَا أَدْرَاكَقد أدراه الله عزَّ وجلَّ.
 ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ تعظيمٌ بعد تعظيم، وتفخيمٌ بعد تفخيم.
 ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾.
 ﴿مَا: اسم استفهام يدل على الإبهام،
فجاء البيان بعد الإبهام ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِجوابٌ لهذا لإبهام وتبينٌ له،
 نلاحظ الجمل السابقة كلها جمل اسمية ( إنا ...) ، ( وما...) ، (ليلة.....)
 مبتدأ وخبر ثم مبتدأ وخبر ثم مبتدأ وخبر
وهذا نوع ثان للتعظيم،
 التعظيم بالجملة الإسمية أعظم من التعظيم بالجملة الفعلية،
الجملة الفعلية تدل على التجدد والاستمرار، لكن الاسمية تدل على الثبوت واللزوم ، والتعظيم الثابت اللازم أفضل من التعظيم الحادث المتجدد!

﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
 كيف تكون خيراً من ألف شهر وكل سنة فيها ليلة قدر؟
الجواب:
المعنى: خيرٌ من ألف شهرٍ ليس فيها ليلة قدر.
﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ هل المقصود بألف شهر حقيقة العدد (ألف)
أم المقصود المبالغة في العدد؟
يعني ربنا -سبحانه وتعالى- وصف اليهود بقوله ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ ألف وواحد لا يودها؟
ألفان يقول" كفاية"؟
 لا،
 إنَّما هي أكبر مسمى عدد عند العرب ،
أو في المبالغة يقول لك: لو قلت مائة مرة، لو قلت ألف مرة مبالغة.
كقوله تعالى :"إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم "
فالسبعون للكثرة والمبالغة ،وليس له مفهوم مخالفة؛ بحيث لو زاد على السبعين لغفر لهم !
إذن ﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ حقيقةً أي: ثلاثة وثمانين سنة وأربعة شهور، ليلة القدر خيرٌ من ذلك ، على القول الأول.
أو ﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾أ ي: لا يعدلها زمن على الإطلاق، على القول الثاني .
الله أعلم.

 ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾.
 الواو إما عاطفة وإما واو استئنافية...
ما هي الروح؟
 إما جبريل -عليه السلام- ومناسبته أنّ هو ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ﴾، فإذا عُظّم القرآن المنزل، وعظّم زمان النزول ،فيكون الذي أنزل بواسطته أوْلى بالتعظيم!
 وهو من باب ذكر الخاص بعد العام ،
 كقوله تعالى:﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾
 والرمان من الفاكهة فهذا ذكر الخاص بعد العام وهو أسلوب بلاغي يدل على الاهتمام والتنويه والتعظيم .
﴿الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُفجبريل ملك هذا ذكر الخاص بعد العام؛ للتنويه بشأنه؛
لأنه مذكور مرتين: مرة مع العام، ومرة أخرى مع الخاص،
أو (الواو) على الاستئناف ﴿وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ يعني: جبريل موجود في ليلة القدر، لا يتعلق بالتنزل ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ﴾ ثم استأنف ولم يعطف فقال ﴿وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ يعني: موجودٌ فيها.

﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ يعني بأمره الكوني القدري،
الملائكة تتنزل بأمر الله -عزَّ وجلَّ- ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ يعني: مستصحبين الإذن حال تنزلهم،
﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ هذه العبارة قد تُشكل على البعض !
ماذا يعني ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾؟ يعني  تتنزل الملائكة بكل أمرٍ قضاه الله،
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾[الدخان:3] إلى قوله: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾[الدخان:4]، فالملائكة تتنزل بالأقدار.
تتنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم بكل أمر،
 فـ(من) هنا بمعنى (الباء) كل أمرٍ قضاه الله وقدره،
هذا معنى ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾، بكل أمرٍ قضاه، القول الأول.
القول الثاني: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ﴾  من كل أمرٍ سلام؛ يعني من كل أمرٍ مخيف، من كل أمرٍ شر، من كل أمرٍ فيه ما فيه مما يكرهه المؤمنون هي سلامٌ منه،
سلامةٌ من كل أمرٍ مخيف،
فالتعلق ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ﴾ من كل أمرٍ مخيفٍ هي سلام.
 قال بعض أهل العلم: إنّ ليلة القدر ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ﴾ الأمر الذي فيه سلامة يُقدر في ليلة القدر الذي هو الحج والزواج والأرزاق والأشياء الحسنة،
وأما الأمور الأخرى المؤلمة البلاء، والأمراض، والموت في ليلة النصف من شعبان!
 ما الذي جعلهم يقولون هذا الكلام؟
الآية هنا تقول: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ﴾ الأمر السليم الذي فيه السلامة، أما الذي فيه شر أو فيه ابتلاء فيكون في موضعٍ آخر،
 والبعض يقول: لا، هي على عمومها من كل أمرٍ قضاه الله وقدره.
والله أعلم بالصواب.
.....................................................................

 ﴿سَلامٌيعني: سلامةٌ، سالمةٌ،
 أو ﴿سَلامٌمن التسليم، الملائكة تسلم، ينزل جبريل وتنزل الملائكة لتملأ الأرض،
تنزل من السماء لتملأ المساجد، الأماكن المقدسة كمكة والمدينة، أماكن الذِكر، الطرقات، بلاد المسلمين على وجه الخصوص مسلِّمين على المؤمنين.
ما الفائدة؟
السلام عليك يفيدك رحمةً من الله،
 التأمين على الدعاء؛ يعني في ليلة القدر الملائكة تؤمن على الدعاء،
 فنزول الملائكة يعني زيادة ثوابك أنت، إذا دعوت أمنت الملائكة،
 وإذا سلمت عليك الملائكة استجاب الله لدعاء الملائكة، فنزول الملائكة بركة،
كما أن عدم دخول الملائكة البيت يدل على وجود معصية مما يترتب عليه الحرمان من هذه البركات وتلك الفضائل والخيرات !
«إنّ الْمَلَائِكَةُ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ»
وفي بعض الأحاديث «لا تدخل بيت فيه جرس ولا جُنب» والمقصود: الذي عادته ألَّا يغتسل من الجنابة
إذًا نزول الملائكة خيرٌ كبير.

 ﴿سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾
 مطلَع أم مطلِع؟
مَطْلَع  لعامةً للقراء، ﴿سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾
مطلِع قراءة شاذة.
عند النحاة من ناحية اللغة: مطلَع أم مطلِع؟
 مَطْلَعِ هذا اسم مصدر المصدر: طلع، يطلع مطلعًا، لكن مطلِع هذا اسم مكان.
بنو تميم: يسوون بين يقولون: مَطْلَعِ هي مطلِع.
لكن الحجازيون يقولون: مَطْلَعِ هي المصدر، ومطلِع هذا اسم مكان ﴿سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾.
  ﴿حَتَّىحرف جر؛ يعني هي سالمةٌ من كل شر ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾
يعني: حتى طلوع الفجر، لكن مطلِع هذا اسم مكان.
لغة العرب واسعة ولا يبعد أنْ يكون الراجح هو قول بني تميم إنّ مَطْلَعِ هي مطلِع، لكن القراءة لا تكون إلا بالتلقي لا مدخل فيها للقياس، ولا مدخل فيها لما يصح لغةً، فبعض الكلمات تصح في اللغة ولا يقرؤون بها، أبدًا،
وقد صحت القراءتان جميعاً
والحمد لله رب العالمين


سورة القدر:
هذه السورة العظيمة التي نوه الله بذكر كتابه ورسوله وليلة القدر فيها قد أحكمها الله أيما أحكام:
- فأول حرف فيها: ﴿إِنَّا: الهمزة من الحروف الرنانة،
وليلة القدر ليلة الشرف العالي، هذا علم جديد علم الصوتيات، علم الصوتيات ومراعاة مخارج الحروف وصفات الحروف تجد أنّ الأصوات والحروف المفخمة والمجهورة هي التي اشتملت عليها هذه السورة
في كلمة ﴿الْقَدْرِ﴾ القاف، والدال، والراء حروف مفخمة مجهورة،
الإعجاز يشمل حتى الأصوات، اللغوي، النحوي، الصرفي،
انظر الفواصل، ﴿الْقَدْرِ﴾  ﴿الْقَدْرِ﴾ ﴿شَهْرٍ﴾ ﴿أَمْرٍ﴾ ﴿الْفَجْرِ﴾ تأمل الفواصل،
 ونحن أخذنا في سورة الناس الفاصلة لما اتحدت لأن موضوع السورة متحد،
الكوثر كذلك موضوع السورة واحد اتحدت الفاصلة أيضًا هنا.
﴿الْقَدْرِ﴾ الفاصلة هي الكلمة الأخيرة من كل آية، الحرف متحد
 سبحان من أنزل هذا القرآن، الموضوع واحد وهي من السور الخالصة في القرآن الكريم، كما أنّ سورة الشرح ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ۞ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾
كلها خالصة للنبي -عليه الصلاة والسلام- سورة الشرح، سورة الضحى، سورة الكوثر هؤلاء خالصات للنبي صلى الله عليه وسلم.
تجد أمر عجيبًا وهو حرف الراء يعني في سورة الشرح عد كم راء،
بعض العلماء ينظر أيضًا إلى مبحث العدد يقول لك: ليلة القدر مكونة من تسعة حروف، وذُكرت في السورة ثلاث مرات، ثلاثة في تسعة بسبع وعشرين،
فهي ليلة السابع والعشرين،
و يعدُّ الكلمات من أول سورة ﴿سَلامٌ هِيَيجدها رقم سبعة وعشرين.
وقيل :تنتقل في العشر الأواخر جميعًا في الأشفاع والأوتار.
لكن في الغالب كثير تأتي سبعة وعشرين،
الذي رتب هذا القرآن على هذا النحو، سبحان علام الغيوب -تبارك وتعالى- فالآيات، الحروف، الأصوات، التفخيم، حتى يقول لك: بعض الحروف تُسمى الحروف الرنانة، عندما تأتي أنت تتكلم كلامك ليس مسموع وكلام حروف مهموزة همهمة لا أحد يسمعك، لكن عندما تأتي في موضوع هام تنقي الكلمات تملأ الأذن وتملأ الفم، ففيها سلاسة في النطق، وسلاسة في السمع أيضًا.
فهذه السورة العظيمة قد اشتملت على الإعجاز الصوتي، واللغوي، والنحوي، والصرفي، وما شاء الله -تبارك وتعالى- نسأل الله -تبارك وتعالى- ألا يحرمنا فضل القرآن ولا فضل ليلة القدر.
اللهم إنك عفو عظيمٌ كريمٌ تحب العفو فاعفُ عنا وعن أُمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
أقول هذا القول وأستغفر الله ليّ ولكم، والله تعالى أعلم.
وكتبه
أبو طارق
محمود بن محفوظ



================================
|| إعراب قصار السور.. فوائد نحوية، وصرفية ،وبلاغية، وتفسيرية ||
#برنامج_مجالس_رمضان1439
-------------------------------
||إعراب وفوائد من سورة الفاتحة||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|| إعراب وفوائد من سورة القدر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_6.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة العصر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_70.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة الفيل ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_12.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة قريش ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_14.html
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة الكوثر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_5.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة النصر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_79.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب و فوائد من سورة المسد ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_1.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سور القلاقل الأربعة ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/05/blog-post_28.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـفضيلة الشيخ أبي طارق محمود بن محفوظ
ـ| http://cutt.us/rVWPV
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق