إعراب وفوائد من سورة الكوثر

|| إعراب وفوائد من سورة الكوثر ||
صوتي ||https://c.top4top.net/m_886nig221.mp3||
مرئي ||https://youtu.be/mxzaclf5le||
تحميل الملف بصيغة الــpdf ـ||https://up.top4top.net/downloadf-1090db4gm1-pdf.html ||ـ
#برنامج_مجالس_رمضان1439
إعراب قصار السور... فوائد نحوية، وصرفية ،وبلاغية، وتفسيرية
============================

إِعْرَابُ وَفَوَائِدُ

مِنْ

"سورة الكوثر"

كَتَبَهَا

أَبُو طَارِق

مَحْمُودُ مَحْفُوظ

بسم الله الرحمن الرحيم

مدخل

﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۞ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ۞ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾.

·         ﴿إِنَّا﴾: أصلها إننا، إنّ واسمها،

فاجتمعت ثلاث نونات، فحُذفت الثالثة لكراهة توالي الأمثال إنْنَنَا،

إنّ: حرف ناسخ ينصب المبتدأ ويرفع الخبر، يدخل على الجملة الاسمية،

الألف: اسمها وهي الباقية من نا الفاعلين.

·         ﴿أَعْطَيْنَاكَ﴾: أعطى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر،

·          ونا الفاعلين: فاعل أعطى تنصب مفعولين:

·          الكاف هي المفعول الأول في محل نصب.

·         ﴿الْكَوْثَرَ﴾: المفعول الثاني منصوب بالفتحة الظاهرة.

·         ﴿أعْطَيْنَاك﴾: فعل وفاعل ومفعول أول،

·          والجملة الفعلية ﴿أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ في محل رفع خبر إنّ.

·         ﴿فَصَلِّ﴾: الفاء عاطفة،

   ﴿صَلَّ﴾ فعل أمر مبني على حذف حرف العلة،

    والفاعل مستتر تقديره أنت.

·         ﴿لِرَبِّكَ﴾: جار ومجرور،

·         رب مضاف والكاف مضاف إليه في محل جر.

·         ﴿وَ﴾: الواو حرف عطف.

·         ﴿انْحَرْ﴾: فعل أمر مبني على السكون،

·          والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت،

·          والتقدير: وانحر له، فصلَّ لربك وانحر له.

·         ﴿إِنَّ﴾: حرف ناسخ.

·         ﴿شَانِئَكَ﴾: شانئ اسم إن منصوب،

·         والكاف: مضاف إليه في محل جر.

·         ﴿هُوَ﴾: ضمير الفصل لا محل له من الإعراب.

·         ﴿الأَبْتَرُ﴾: خبر إنّ مرفوع بالضمة الظاهرة.

                                               انتهى إعراب هذه السورة.

.........................................................................

هذه أقصر سورةٍ في كتاب الله -تبارك وتعالى- من حيث عدد الآيات،

 فأقل سورةٍ في كتاب الله ثلاث آيات: النصر، العصر، الكوثر،

أقلها في عدد الكلمات سورة الكوثر فهي عشر كلمات،

وفي عدد الحروف ثلاث وأربعون حرفًا،

 فهي من حيث عدد الحروف وعدد الكلمات: أقصر سورةٍ في كتاب الله تبارك وتعالى.

ومن حيث عدد الآيات: هي أيضًا أقصر سورة، وهي متساوية مع سورة النصر وسورة العصر.

......................................................................

علاقتها بما قبلها:

علاقتها وطيدة وظاهرة فالتي قبلها في الترتيب المصحفِ سورة الماعون

 ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ۞ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ۞ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾

1-             هذا رجل بخيل. لكن هنا يقول: ﴿وَانْحَرْ﴾ هذا ذبح لله وتصدق لله -عزَّ وجلَّ- فهذا يدل على الكرم.

2-             ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ في الماعون، لكن في الكوثر ﴿فَصَلِّ﴾،

3-              ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ﴾ هذا مرائي في الماعون، لكن في الكوثر ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ فهذا إخلاص، ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ۞ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ وهنا أيضًا -كما ذكرنا- ﴿انْحَرْ﴾ تدل على الإنفاق وعلى الذبح لله تبارك وتعالى.

أيضًا علاقتها بما بعدها:

﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ بعدها

 ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ !

فشانئ النبيّ –صلى الله عليه وسلم-كافر،

 بل هو في أبعد درجات الكفر،

 ولهذا نُودِيَ بحرف البعد يا ﴿يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ فهو شانئ النبيّ صلى الله عليه وسلم.

................................................................................

النكت البلاغية والمعنوية والتفسيرية:

﴿إِنَّا﴾ ضمير العظمة وهو الله -تبارك وتعالى- العظيم،

ولما كان المعظم نفسه واحدًا هو الواحد -عزَّ وجلَّ- أبعد كل ريبةٍ عن شبهة الشرك،

وهذا في جميع آيات القرآن التي اُستعمل فيها ضمير العظمة يأتي بعده بما يفسره من التوحيد فلما قال:﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾ قال بعدها :﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ فهو ربٌ واحد!

لأنّ البعض يقول: ﴿إِنَّا﴾ تدل على الكثرة، تدل على التعدد.

النصارى يقولون: كتابكم فيه شرك، فيه آلهة متعددة ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾.

إذًا ليس إلهًا واحدًا، فيرد الله -عزَّ وجلَّ- عليهم في نفس السياق ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ وهذا أيضًا لجهلهم بلغة العرب، فالعرب الواحد المعظم نفسه يستعمل ضمير الجمع.

فإنْ قال قائل:

هم أيضًا يقولون: الآب والابن والروح القدس( إله واحد)

فهم يدعون التوحيد !

فنقول:

ليسوا سواءً، ليس من هذا الباب؛

 لأننا نقول: إلهنا واحدٌ لا شريك له، واحدٌ في ذاته  وله الأسماء الحسنى،

 لكن هم يقولون:

إله واحد؛ وهو آبٌ وابن وروح قدس، ثلاثة أشخاص مستقلة،

أو ثلاثة أقانيم منفصلة على اختلاف في ملل النصارى.

إذًا فهم في الحقيقة ثلاثة جواهر، ثلاثة ذوات، ثلاثة أقانيم، ثلاثة،

 سواءً قالوا في واحد أو ليس في واحد، فالشرك أصل دينهم،

 أما ديننا ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ۞ اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ وهذه الأوصاف إنما هي أوصافٌ لموصوفٍ واحد.

...............................................................................

﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ ما هو الكوثر؟

ثبت في صحيح مسلم أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نام نومةً فقام فقال:

«إنّ الله -عزَّ وجلَّ- أعطاني الكوثر، وهو نهرٌ في الجنة أعطاني الله -عزَّ وجلَّ- حافتاه من الذهب»،

 وجعل يصفه -صلى الله عليه وسلم- عدد آنيته كنجوم السماء، مَنْ شرب منه لم يظمأ أبدًا،

فهو نهر الكوثر وعليه حوضه -صلى الله عليه وسلم- وهو من الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه.

 فالكوثر في معناها الحقيقي:

 الكثرة في الخير، بل الكثرة المفرطة كما قال الشاعر:

وأنت كثيـرٌ يا ابنَ مَرْوانَ طَـيِّـبٌ

وكان أبوك ابنُ العقائِلِ كَوْثـرا

   أنت كثير وأبوك كوثر يعني الكثرة المتناهية في الكثرة، المفرطة في المبالغة وفي الكثرة والعظمة،

فالكوثر فُسر أنه العلم،

 أنه الوحي والنبوة،

أنه القرآن،

أنه أصحابه -صلى الله عليه وسلم- وذريته من بعده،

 أو أنه النهر الذي أعطاه الله إياه،

والصواب: أنّ كل ما أعطاه الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة فهو من هذا الكوثر.

......................................................................

 ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾

ولم يقل: إنَّا أعطيناك كوثرًا؟

 وذلك لإفادة العموم والاستغراق، الألف واللام تدل على الاستغراق.

 ثم هناك نكتةٌ أخرى وهي: أنّ الكوثر صفة والموصوف محذوف،

يعني كقوله تعالى: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾،

 ما هي السابغات؟

 أي دروعاً سابغاتٍ، السابغات صفة والموصوف هو المحذوف،

ولكن هنا ما قال أعطيناك الخير الكوثر

ولا  نهر الكوثر، ،

ولا الذرية الكوثر؟

 لا، ما ذَكر الموصوف، إنا قال: أعطيناك الكثير مثلًا.

ما هو الكثير؟

محذوف، وحذفه يدل على إطلاقه لتذهب فيه الأوهام كل مذهب،

ولتتخيله العقول كل تخيل، وكله صحيح، كل خيرٍ أعطاه الله لنبيه فهو من هذا الكوثر.

...............................................................................

قال: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾

 ولم يقل: إنا آتيناك !.... فهل لذلك حكمة؟

 نعم، لها حكمة فلا يوجد حرفٌ في كتاب الله يقوم غيره مقامه ولو اجتمع أفصح الخلق على أنْ يبدلوا حرفًا بحرف ليؤدي نفس المعنى لعجزوا عن هذا،

القرآن استعمل العطاء واستعمل الإيتاء..

فمنهم مَنْ قال: إنْ آتى تأتي في المعنويات أكثر، ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ﴾[البقرة:269].

إذًا الحكمة أمر معنوي وقد تُستعمل في الأمر المادي أيضًا ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾[آل عمران:26].

قالو: فأتى ويؤتي تُستعمل في المادي والمعنوي، لكن أعطى لا تُستعمل إلا في المادي فقط، ﴿فإنْ أعطوا منها رضوا ﴾ و ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾.

إذًا فاستعمل هنا أعطى لأنها أخص أي متخصصة في باب العطاء المادي، والكوثر شيء مادي على قول جمهور أهل العلم ،هذا قول.

القول الثاني:

قالوا: إنْ آتى قد تُستعمل فيما قد يسلبه الله -عزَّ وجلَّ- يعني ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ﴾[آل عمران:26]،

فمنْ آتاه الله شيئًا قد ينزعه،

 لكن العطاء، ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾.

فقال: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ إشارة إلى أنّ هذا الكوثر لا يسلبه الله منه، ولا ينزعه الله منه أبدًا !!

﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾

الكاف المقصود بها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل: إنْ أعطينا الرسول، بل ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾؟

 لإظهار كمال المنة؛ لأنه لو قال: إنْ أعطينا الرسول لربما ظن ظان: أنه أعطاه في مقابل  الرسالة والنبوة، لكن إذا قال ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾ بدون تصريح بالرسول فهذه منحة من الله -عزَّ وجلَّ- و تفضلٌ من الله، وإحسان من الله سبحانه.

........................................................................

وهذا الكوثر العظيم مقابل بضمير العظمة ﴿إِنَّا﴾

ولم يقل: أنا أعطيتك، ولم يقل: أعطيتك،

 بل قال: ﴿إِنَّا... أعطيناك﴾ ؟

فلما كان العطاء عظيماً ولا أعظم منه( الكوثر) ناسب أن يستعمل ضمير العظمة إنا وأعطيناك ...

................................................................................

﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ الجملة الإسمية ﴿إِنَّا﴾ لم يقل: أعطيناك الكوثر،

 أو أعطيتك الكوثر بل قال: ﴿إِنَّا﴾؟

 و ﴿إِنَّا﴾ تدخل على الجملة الإسمية، فالفرق بين الجملة الاسمية والفعلية: بأنّ الإسمية تدل على الثبات، ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ إذًا هو عطاءٌ، ثابتٌ، مستمرٌ، عظيمٌ، لا يمكن أنْ يزول !

لأن الجملة الفعلية استبعدت هنا لأنا تدل على التجدد والحدوث.

 هذا في ثلاث كلمات ،

.....................................................................

﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ الفاء ترتب ما بعدها على ما قبلها،

لماذا تصلي لربك وتنحر وتفرده في عبادة؟

 لأنه الذي أولاك كل خير،

وأعطاك كل جميل،

لأنه ولي نعمتك،

لأنه الذي رباك بما ينفعك في الدينا والآخرة،

 فلذلك ﴿فَصَلِّ﴾ فكأنها مرتبة على ما قبلها.

  ﴿صَلِّ لِرَبِّكَ﴾ طبعًا عطاء الله -عزَّ وجلَّ- يستحق الشكر ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾[إبراهيم:7]

 وأعلى صور الشكر الصلاة؛ لأنها شكرٌ بالجوارح وبالقلب وباللسان،

جميع أعضاء البدن القلب واللسان والجوارح في الصلاة،

فناسب العطاء الكبير وناسب شكرًا كبيرًا.

...............................................................................

﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾

الإخلاص إذا كان حال المشركين أنهم يصلون لأصنامهم ولآلهةٍ شتى فالنبيّ –-عليه الصلاة والسلام- مطالب أن يصلي لله،

 ففيها إشارة إلى وجوب الشكر، وفيها تعريضٌ بالمشركين الذين لا يصلون لولي نعمتهم، لمنْ رباهم بنعمه، يصلون لغيره -تبارك وتعالى- فأعرض عنهم.

وفيها إشارة أيضًا: لكي يعرض النبيّ عن هؤلاء الذين يقولون عنه ساحر وكذاب ويشتمونه ،

 أعرض عنهم وانشغل بما ينفعك ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾

قال: ﴿لِرَبِّكَ﴾ ولم يقل لله؟

 لأنّ العطاء من الرب ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾.

قال أهل البلاغة الذين تأملوا استعمال لفظ أعطى في كتاب الله فما وجدوه يُستعمل مع اسمٍ مع الأسماء الحسنى إلا مع الرب،

 ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾

 ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾

 وهكذا ...

فكان المناسب هنا  الرب؛

 لأنه قبلها أعطى،

العطاء مع الرب،

القرآن من أوله إلى آخره هكذا ،

هذا إعجاز مستقل !

................................................................................

﴿وَانْحَرْ﴾

النحر يكون للإبل بالطعن في المنحر ، وغير الإبل يذبح ذبحاً ،

 فلماذا عبر بالنحر دون الذبح؟

 وهل يصلح الذبح هنا في موضع النحر؟

والجواب:

لما كانت المنة  بالكوثر عظيمة جداً كان واجب الشكر ينبغي أن يكون من أعظم الـأشياء

 وأسمى درجات القربان  هو نحر الإبل،

 العطاء العظيم يقابله شكرٌ عظيم!

 ﴿وَانْحَرْ﴾ والمراد وانحر لربك،

 لكنه لم يقل: لربك، لماذا؟

 اكتفاءً بأنه مذكور فيما قبل ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾،

 كقوله قوله تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ﴾[مريم:38]

والتقدير : أسمع بهم وأبصر بهم.

 وإذًا فصلِّ لربك، وانحر لربك فيه توكيد لله -عزَّ وجلَّ- في الصلاة وفي النحر الذبح، ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي﴾[الأنعام:162]

دلَّ ذلك أنّ أعظم العبادات المالية الذبح لله، وأنّ الذبح لغير الله شرك «لعن الله من ذبح لغير الله ».

فإذا أشرك المشركون في صلاتهم وفي ذبحهم فصلِّ أنت لربك وحده،

 وانحر لربك وحده تبارك وتعالى.

............................................................................

﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾

فيها عطف بالواو بين كلا الجملتين يعني أثرٌ من آثار الشكر لله،

﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ لا يوجد فيها  عطف ، وهذه في البلاغة تُسمى الانقطاع ، والوصل يكون بحرف العطف: الفاء والواو،

وصل جمل موصولة ﴿فَصَلِّ﴾  ﴿وَانْحَرْ﴾ موصولة.

لكن ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ مقطوعة مفصولة عما قبلها؛

 لأنّ الجملة الأولى ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ جملة إنشائية طلبية،

 ﴿وَانْحَرْ﴾ جملة إنشائية طلبية،

﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ جملة خبرية،

 ثم إنها لا تترتب على ما قبلها بل هي استئناف بياني،

 وهي جملة تعليلية؛ لأنها عللت ما قبلها،

لماذا ربي أعطاني هذا العطاء العظيم؟

 لماذا أصلي لله وحده؟

لماذا أفرد الله بالعبادة، أفرد الله بالذبح وأعلاه النحر؟

 العلة: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾!

 مبغض، والبغض في القلب،

 ولم يقل: إنّ أعداءك،

إنّ عدوك من جاهرك في العداوة، منْ ضربك، منْ سبك،

 لا، بل قال ﴿شَانِئَكَ﴾

 فكأنّ بغض النبيّ -عليه الصلاة والسلام- هو أقصى درجات الأبترية،

ومعنى الأبتر المبتور من كل خير، حتى الجمل الأبتر مقطوع الذنب،

 الرجل الأبتر ليس له ذرية، رجل أبتر، هكذا تقول العرب.

فعدوك يا أيها الرسول، هو الأبتر

﴿إِنَّ﴾ حرف توكيد،

﴿شَانِئَكَ هُوَ﴾ ضمير الفصل،

 يعني أصل الجملة باختصار:

( شائنك أبتر) فيه ردٌ على الذين قالو أنت أبتر، حقيرٌ، ذليل مبتورٌ من الذرية، ﴿شَانِئَكَ﴾ الرد عليهم

  1- (شائنك أبتر) فلم يكتفِ بذلك حتى جاء بالتوكيد:

 2- إنّ شائنك أبتر ما اكتفى بهذا حتى قال:

3-             إنّ شائنك الأبتر ما اكتفى بهذا حتى قال:

4-              ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾

 انظر، كم من توكيد ﴿إِنَّ﴾ و ﴿هُوَ﴾ والألف واللام ﴿الأَبْتَرُ﴾ يعني حصل الأبترية فيه،

 فكل منْ أبغض النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وأبغض دينه فهو الحقير، هو الذليل، هو المقطوع من كل خيرٍ في الدنيا والآخرة.

...................................................................

 ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ هذه الآيات الثلاث في أقصر سور من كتاب الله -تبارك وتعالى- والله -عزَّ وجلَّ- تحدى الإنس والجن أنْ يأتوا بمثل هذا القرآن أو بسورةٍ منه،

فهذه أقصر سورة في كتاب الله من حيث عدد الآيات: ثلاث آيات،

الكلمات: عشر كلمات،

الحروف: ثلاثة وأربعين حرف،

يعني يعجز العرب وهم أئمة البيان وأساطين الفصاحة والبلاغة، ثلاثة وأربعين حرف ثلاث آيات، عشر كلمات،

هذه معجزة مستقلة إلى الآن.

من لدن الوليد بن المغيرة مغيرة إلى اللحظة الراهنة هل استطاع واحدٌ من الإنس والجن أنْ يأتي بسورة كسورة الكوثر فقط؟

 لم أقل لك البقرة!

فإنّ الإعجاز في سورة الكوثر كالإعجاز في سورة البقرة،

 والله -عزَّ وجلَّ- لما تحداهم أنّ يأتوا بسورةٍ منه لم يقل سورة طويلة أو سورة قصيرة عجزوا عن الكوثر كما عجزوا عن البقرة العجز واحد،

يعني في الكوثر لم يحاولوا فوصلوا لنصف الطريق أو حاولوا وقاربوا أو كادوا

 أبدًا،

عجزهم في الكوثر كعجزهم في البقرة،

شخص يقول:

 في ناس حاولوا  قال:

[ إنَّا أعطيناك الجماهر، فصلَّ لربك وجاهر، إنّ شائنك لفاجر]

هذا الكلام أي شخص يسمعه لابد أن يضحك.

مع أنّ كلام قريب من بعضه!

 وهذه معجزة أخرى لمرحلة اللاشعور

مع أنّ مسيلمة كان فصيحًا يعني لو قال شعراً أو نثراً لربما جاء بكلام جيد

وكذلك غيره من الشعراء والأدباء إذا قال الشعر أغرب وأعجب

فإذا جاء ليباري نظم الكتاب أدركه العجز والإعياء بل البلادة والركاكة

حتى يصير كلامه مضحكة ومسخرة !!

وتأمل كلامه:

يقول: إنَّا أعطيناك الجماهر.... يا كذاب، أنت أعطيت أحداً جماهر ؟!!

 أنت تملك شيئاً أصلًا؟!

 الكذب من أول كلمة !!

ثم أنت تأخذ من القرآن تأخذ كلمة وتترك كلمة يعني تسرق !!

﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾ هذه قرآن، أنت أحضر من عندك لا تسرق ولا تقتبس.

سبحان الله!

 ثم يقول عملنا قرآناً:

(إنا أعطيناك الجماهر، فصلِّ لربك وجاهر، إنّ شائنك لعبدٌ فاجر)

والله ما فاجر إلا أنت!

شبهة جوابها

  شخص يقول: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ -سبحانه وتعالى- معه الجنة والنار، ويملك السماوات والأرض، كيف سأصنع أنا قرآنا ؟

 وأنا أصلًا ليس معي  شيء ولو كنت أملك جنة أو ناراً أو كوثراً لأتيت بقرآن مثله!

والجواب:

إن الله تحدى الإنس والجن بعشر سورٍ مثله [مفتريات]!!

 يعني أحضر لنا سورة مُفتراه،

 اعمل نفسك إله واعمل نفسك معك جنة ونار،

 هل يعني لن نعد عليك الكذب ! تخيل أنك تملك كذا وكذا

التحدي في النظم والبلغة والإعجاز

فأت  بمثله ولو على سيبل الافتراء

فعجزوا

ومن حاول منهم صار أضحوكةٌ بين البشر، ويبقى كتاب الله -عزَّ وجلَّ-

معجزة خالدة إلى يوم الدِّين.

سبحان الله وبحمده، نشهد أنّ لا إله أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

وكتبه

أبو طارق

محمود بن محفوظ

==================================
|| إعراب قصار السور.. فوائد نحوية، وصرفية ،وبلاغية، وتفسيرية ||
#برنامج_مجالس_رمضان1439
-------------------------------
||إعراب وفوائد من سورة الفاتحة||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة القدر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_6.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة العصر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_70.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة الفيل ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_12.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة قريش ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_14.html
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة الكوثر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_5.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سورة النصر ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_79.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب و فوائد من سورة المسد ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/06/blog-post_1.html|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|| إعراب وفوائد من سور القلاقل الأربعة ||
|http://mahfoouz.blogspot.com/2018/05/blog-post_28.html|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـفضيلة الشيخ أبي طارق محمود بن محفوظ
ـ| http://cutt.us/rVWPV|ـ

شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية