صوم شهر رجب || مناظرة بين مانع ومجيز ( مخطبة مفرغة )

 



 صوم شهر رجب  

مناظرة بين مانع ومجيز 

  ( مخطبة مفرغة )

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .
من يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على آل ابراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار وبعد ،،،
قال ربنا عزوجل - وهو أصدق القائلين ، بعد أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم - ﴿إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرࣰا فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِ یَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَاۤ أَرۡبَعَةٌ حُرُمࣱۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُۚ فَلَا تَظۡلِمُوا۟ فِیهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ ﴾ [التوبة ٣٦] .
وقد فسرها رسول الله ﷺ : إنها ثلاث متواليات وواحد فرد.
أما الثلاثة المتواليات فهي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم .
وأما الفرد فهو : رجب، هكذا فسرها رسول الله ﷺ .
قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى }فلا تظلموا فيهن أنفسكم{ ، قال : الذنب فيهن أعظم ، والعمل الصالح فيهن كذلك أعظم.
هذا وقد إختلف أهل العلم - رحمة الله تعالى عليهم - في حكم تخصيص رجب بالصيام.
ونحن في أول يوم من ايام هذا الشهر المبارك.
إختلف أهل العلم في جواز تخصيصه بالصيام ، هل يخص أو لا يخص؟
على قولين:
فذهب جمهور أهل العلم والشافعية إلى الجواز .
وذهب الحنابلة - رحمة الله على الجميع - إلى المنع من التخصيص.
فهم لا يخصون ، ولا يجوزون أن يُخَص رجب بالصيام كله.
هذا وقد جمعت أدلة الفريقين ، وما إحتجوا به ، ورتبتها في صورة هذه المناظرة ، التي جرت بين فقيهين ، أحدهما مانع لإفراد رجب بالصيام ، والثاني مجيز ، ولنسمي الأول بالمانع والثاني بالمجيز.
قال الفقيه المانع يعني الذي منع على جهة الكراهة ، لا على جهة التحريم ، وهذا بالنسبة للشهر كله )
قال: الأدلة معي كثيرة على المنع من ذلك - وكأنه فقيه حنبلي - ، قال له المجيز: فهات ما عندك ، فان البُغِية واحدة : وهي معرفة الحق بدليله .
فقال المانع :
- روى ابن أبي شيبة في المصنف وعبد الرزاق أيضاً ، عن زيد بن أسلمة - رضى الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (( سُئِلَ رسولُ اللَّهِ ﷺ عن صومِ رجبٍ فقالَ: أينَ أنتُم مِن شعبانَ.)) .
- ومثله حديث عائشة - رضي الله عنها - والذي ساقه ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - في رسالته " تبيين العجب بما ورد في شهر رجب " أن أمةً لها ، كانت تصوم رجب ، فقالت لها عائشة - رضي الله عنها : من صام شعبان ، فإن فيه الفضل .
- وقد ذُكِر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوماً ، يصومون رجب ، فقال : أين هم من شعبان ؟
- وحديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أنه كان يصوم الاشهر الحرم ، فقال له - صلى الله عليه وسلم " صم شوال " ، فقد كان يصوم شوال ، وترك صيام الأشهر الحرم ، وهذا ذكره ابن ماجة في سننه.
- وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام رجب.
فقال الفقيه المجيز: كل ما ذكرته لا يصح فيه حديث (لا يصح منه حديث) .
- أما حديث زيد ابن أسلم ( وزيد ابن أسلم ): هو من التابعين ، يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسقط الصحابي ، ومرسل منه الصحابي ، والمرسل قسم من أقسام الضعيف.
ولو سلمنا بإعتضاده بحديث عائشة - رضي الله عنها- " أين هم من شعبان؟ أين أنتم من شعبان؟ " فليس فيه النهي. وغاية ما فيه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دلهم على أن صيام شعبان أفضل من صيام رجب ، وهذا لا إشكال فيه ، ولا نناظر فيه ، فأين الدليل على المنع من صيامه ؟
- أما حديثك الثاني : حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أنه كان يصوم ، فأمره - رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام شوال ، فترك الأشهر الحرم ، وترك صيامها .
أيضاً فهو حديث ضعيف ، ضعفه البوصيري - رحمه الله - في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة ، قال: حديث ضعيف وضعفه الألباني رحمه الله أيضاً.
- أما الحديث الثالث : فهو حديث ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى نهياً صريحاً عن صيام رجب، فرواه ابن ماجة أيضاً ، وقد ضعفه البوصيري أيضاً ، وقال: فيه داوود ابن عطاء المدني ، وهو متفق على ضعفه.
وفيه زيد ابن عبد الحميد ، وهو ضعيف أيضاً .
وضعفه شيخ الاسلام ابن تيمية ، وضعفه الشوكاني ، وضعفه الألباني أيضاً -رحمة الله على الجميع.
- فلم يسلم لك حديث مرفوع تقوم به الحجة .
فقال المانع :لا تعجل يا أخي ، فإن الجعبة فيها ما فيها ، والجعبة مليئة بالسهام ، فمعي آثار كثيرة عن الصحابة - رضي الله عنهم - أنهم منعوا من صيام رجب ومنها :
- ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف ، عن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كان إذا رأى المترجبين ، الذين يرفعون أيديهم عن الطعام في رجب ( يعني : يصومون في رجب )، فكان يضرب أكف الناس في رجب حتى يضعوها في الجفان ، ويقول : كلوا فإنما رجب شهر كانت تعظمه الجاهلية .
- وعند ابن أبي شيبة في المصنف أيضاً ، عن ابن عمر - رضي الله عنه- كان إذا رأى الناس ، وما يعدونه لرجب كره.
- وكذلك عند عبد الرزاق في مصنفه ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان ينهى عن صيام رجب كله ؛ لئلا يُتخذ عيداً.
- وعن أبي بكرة رضي الله عنه - وهذا رواه أحمد في المسند - أنه دخل على أهله ، وعندهم جدد وكيزان فقال ما هذا؟ قالوا رجب نصومه ( يعني كأنهم مستعدين ، فإشتروا الأواني الجديدة ، السلال والكيزان ) فقال مُغضَباً : أجعلتم رجباً رمضان؟ فأكفأ السلال وكسر الكيزان.
وهكذا إذا ورد ذلك عن عمر وأبنه ، وابن عباس ، وأبي بكرة ، وهم من الصحابة الأجلاء ، وليس لهم مخالف من الصحابة ، ففعلهم حجة ملزمة ، عند من رأى أن فعل الصحابي حجة.
وكذلك لم يعلم لهم مخالف ، اذاً فهذا إجماع أو يشبه الاجماع.
قال المجيز: اما آثارك فمردود عليها.
- أما ما ذكرته عن عمر- رضي الله عنه ، أنه كان يضرب أكف الناس في رجب حتى يضعوها في الطعام، ويقول كلوا .
أن رجباً كانت تعظمه الجاهلية ، فواضح أنه نهى عن تعظيمه ، كتعظيم أهل الجاهلية له .
ومعلوم أن أهل الجاهلية كانوا يعظمون رجباً ؛ لأنه أول الأشهر الحرم ، وكانوا يسمونه رجباً ، والمرجب ، وكانوا يسمونه منصل الأسنة ، وكانوا يسمونه الأصب والأصم لصب الخير والبركة ، وكانوا يزعمون أن الدعاء فيه يستجاب ، وكانوا يعتمرون فيه ، ويذبحون فيه العتيرة ، ويصومونه ويتخذونه عيداً.
فعمر- رضي الله عنه ، الملهم بالصواب ، المُحَدث - لعله رأى في هؤلاء مخايل الغلو، أو رأى هذا التشبه
رآهم يتخذونه عيداً ، رأى أنهم إشتروا ، وإستعدوا له ، كما يستعد الناس لرمضان .
- وله - رضي الله عنه - من مثلها ، ألا ترى أنه - نهى عن نكاح الكتابيات - مع أنها حلال في كتاب الله .
إنها سياسة عمرية ، معروفة بالنظر إلى المآلات ، وبسد الذرائع ، والقضاء على الفتنة في مهدها - رضي الله عنه وأرضاه - فيحمل ضربه لهؤلاء عن الصيام ، لا على جهة النهي عن صيامه ، ولكن على جهة النهي عن تعظيمه ، أو على جهة من أعتقد أنه واجب ، أو من أعتقد أنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا تأويله.
- أما ما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه كان إذا رأى ما يعده الناس لرجب ، كره ذلك ، فليس فيه حجة أصلا. لأنه كره ما يُعد ، لا كره الصيام ، اذ رأى هذا الإسراف ، أو رأى هذا الإستعداد ، رأى ما يعده الناس لرجب ، فليس في الأثر ذكر للصيام ، إنما رأى فيه الإعداد والاستقبال فكره ذلك .
- وكذلك ما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنه - وذكرته أنه كان ينهى أن يصام رجب كله ، فهو نهي عن إكماله ، لا عن إكثار الصيام فيه ، وكذلك خشي أن يُتخذَ عيداً ؛ لأنهم كانوا قريبي عهد بجاهلية ، وأهل الجاهلية كانوا يعظمونه فلعل ابن عباس رأى ما رآه عمر .
- وكذلك ما فعله أبو بكرة - رضي الله عنه - فإنه كسر السلالة ، وأكفأ الأواني ، هذا على جهة الإنكارعليهم في الإستعداد ، لا في أصل الصيام ، فأين الآثار التي بقيت معك؟ !!.
قال المانع : إذاً ثبت المطلوب ، فنحن نمنع من صيامه ، كما منعه الصحابة ؛ حتى لا نتشبه بأهل الجاهلية.
فلنمنع بهذه النية وبهذه الوجهة.
قال المجيز: لا يسعك ذلك ؛ لأنه لا يلزم من الصيام التشبه ، ولا يلزم موافقة الصورة الظاهرة ، وجود التشبه الحقيقي فليس كل ما فعله أهل الباطل - ولو كان حقاً فِعله - يكون تشبهاً بهم ، فصيام رجب قد يكون على جهة التشبه
بالمشركين في الجاهلية ، وذلك أنهم جعلوه عيداً( يعني كما يفعل الناس في رمضان الآن، كما يفعل المسلمون في رمضان ، أهل الجاهلية كانوا يفعلون في رجب كذلك) فهذا هو التشبه .
والصيام الثاني : أن يصام على غير هذه الجهة ، إنه يصام على أنه زمن فاضل ، يصام على أنها عبادة لله رب العالمين ، ليس فيها هذا التشبه ، وليس فيها هذا الإحتفاء ، ولا هذا الإحتفال ولا غير ذلك ، ودليلي على ذلك :
أن تعظيم رجب ، قد بقي له أثر في هذه الشريعة ، فالأشهر الحرم ، قد حرم الله فيهن القتال.
ثم إختلف أهل العلم ، هل بقي التحريم ؟ أم نسخ ؟ .
وجمهور أهل العلم على أنه قد نسخ ، وأن تحريم القتال قد نسخ .
واستدلوا على ذلك بأن الصحابة - رضي الله عنهم- في فتوحاتهم ، ما كانوا يراعون رجباً ولا غيره ، ولا كانوا يراعون الأشهر الحرم ، بل كانوا يقاتلون دون إلتفات إلى ذلك ، فدل ذلك على أنه منسوخ.
لكن إن كان القتال قد نسخ ، فقد بقيت آثار أخرى : وهي الصيام ، وكذلك الذبح فيه ، وهذا موضع أخر ، قد إختلف أهل العلم فيه.
فقال المانع : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن ذلك ، فقال كما في الصحيحين : " لا فرع ولا عتيرة". (العتيرة : هي الذبيحة الرجبية ، ذبيحة كانوا يذبحونها في رجب) .
فنهى عنها رسول الله ، إذ لم يبقي رسول الله لرجب تعظيماَ ، ولم تبقى آثار لتعظيمه في ملة الاسلام .
فأجاب الفقيه المجيز وقال : كلا بل ثبت عنه- صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة" ، وهذا حسنه الألباني -رحمه الله.
وقال ذلك – صلى الله عليه وسلم - في عرفات ( يعني في حجة الوداع) - صلى الله عليه وسلم - : "على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة." .
أما الأضحية معروفة، وأما العتيرة فهي : الذبيحة في رجب.
فإختلف أهل العلم ، أيهما الناسخ وأيهما المنسوخ ؟ وبعيداً عن دعوى النسخ ، فالجمع ممكن.
وهو أن قوله " لا فرع ولا عتيرة" ، كان أهل الجاهلية يذبحون النتاج الأول -إذا نتجت الدابة وولدت البهيمة أول مرة- يتقربون به الى طواغيتهم ، فهذا هو الفرع الأول - لا فرع ولا عتيرة - يذبحونها لطواغيتهم في رجب.
أما أنتم: فاذبحوا لله عزوجل ، وقد سئل - صلى الله عليه وسلم - قيل له يا رسول الله إنا كنا نعتر في الجاهلية - نعتر في رجب في الجاهلية ، نذبح العسيرة في الجاهلية فما تأمرنا؟ - قال: اذبحوا لله في أي شهر كان، وبروا الله تعالى
وأطعموا ، وتصدقوا أو كما قال- صلى الله عليه وسلم- فلم يغلق الباب ، ولم يقل: لا تذبحوا مطلقاً، اقضوا على العتيرة ، وإنما أهل الجاهلية ، كانوا يذبحونها لطواغيتهم وأصنامهم ، وأنتم اذبحوا لله عز وجل.
وجمع الشافعي - رحمه الله - بأن قوله "لا فرع ولا عسيرة " أنه لا فرع واجب ، ولا عسيرة واجبة ، فهذا هو الجمع : يعني أن الأمر ليس للوجوب ، فبقيت العتيرة ، من أراد أن يذبح في رجب فليذبح ، فلا شيء في ذلك .
على أنها مسألة خلافية بين أهل العلم ، فليس كل ما فعله أهل الجاهلية ، يكون منهياً عنه إلا إذا نهت عنه الشريعة أو دلت القواعد على تركه ، ولا يترك الحق لأن اهل الباطل فعلوه ، فعض عليها بالنواجذ - هذه القاعدة - لا يترك الحق لكون أهل الباطل فعلوه.
قال المانع : وهل خفي هذا التقريرعلى إمام أهل السنة والجماعة ، الإمام أحمد - رحمه الله - حيث إن مذهبه هو: كراهة إفراده بالصيام .
فقد ذكر ابن مفلح رحمه الله في الفروع " يكره إفراد رجب بالصوم " ، وكذلك المرداوي في الإنصاف قال : " يكره إفراد رجب بالصوم ."
قال المرداوي : " وحكى تقي الدين في تحريم إفراده وجهين - تقي الدين ابن تيمية رحمه الله - حكى وجهين في المذهب على أن النهي للتحريم.".
فقال المجيز : مذهب الإمام أحمد فيه قولان ، فالمذهب نفسه فيه قولان:
القول الأول : قد وافق فيه الجمهور ، وهو القول بالجواز.
والثاني : ذهب إلى الكراهة فقط ، كراهة ماذا؟
قال كراهة إفراده بالصوم مع إكماله ، إفراده مع إكماله ، فلو أنه أفطر يوماً ذهبت الكراهة.
هذا هو مذهب الامام احمد : أنه لم ينهى عن الصوم في رجب ، وإنما كره صيام رجب كله وحده، فمن صام رجب وشعبان زالت الكراهة ؛ لأنه لم يخصص رجباً وحده ، ومن أفطر في رجب يوماً ، زالت الكراهة أيضاً ، فهذا وجه المذهب ، وهذه حقيقة المذهب : أن الكراهة في إفراده وحده دون بقية الشهور أو إكماله ، إفراده مع الاكمال ، فاذا فعل ما يخرج عن ذلك زالت الكراهة.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله – " فمن أفطر بعضه لم يكره ".
قال المانع : يا أخي بارك الله فيك ، هب أن كل ما قلته صواب ، ألست تسلم أن الصوم عبادة ، والأصل في العبادات التوقيف ، أليست هذه بدعة ؟ ، ألم تقرأ رسالة ابن حجر العسقلاني " تبيين العجب بما ورد في شهر رجب " ؟
حيث ذكر جميع ما ورد في فضل شهر رجب ، وأنه إما بين حديث ضعيف وباطل أو موضوع ، لا تقوم به الحجة كيف تثبت هذا الأمر - وهو الإستحباب - وليس معك أي دليل ؟ أليس هذا من البدع ؟ ، أن تُحدث عبادة بلا دليل ؟
قال المجيز: بلى معي أدلة كثيرة ، قال : هاتها .
قال: معي الأحاديث الواردة في فضل الصوم مطلقاً.
- ومعي الأحاديث الواردة في فضل صوم الأشهر الحرم على وجه الخصوص.
- ومعي الأحاديث الواردة في فضل صوم رجب على وجه الاخص.
- ومعي آثار عن السلف ، ومعي النظر الصحيح .
- ومعي قول جمهور أهل العلم قديماً وحديثاً.
قال المانع : دعك من هذا التهويل ، الدليل إن كان ثمَ دليل !!
قال المجيب : أبدأ بالأدلة العامة :
- بما إننا قد إتفقنا على أنه لم يصح حديث في النهي عن صيام رجب ، فهو يدخل إذاً في جملة أشهر السنة ، فيشمله الإستحباب العام ( إستحباب الصيام ) .
- وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله تعالى قال : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وانا أجزي به
- وقال أيضاً - صلى الله عليه وسلم – " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " .
- وقال " أفضل الصيام صيام داوود ، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً " .
- وكان يقول : " إن في الجنة باباً ، يقال له الريان ، لا يدخله إلا الصائمون ، فإذا دخلوا اغلق ، فلم يدخل أحدا " .
وكلها أحاديث صحيحة ، تدل على فضل الصيام في الجملة ، ورجب من هذه الأيام فما المانع ؟ .
قال المانع : يا أخي بارك الله فيك ، هذا لا اخالفك فيه ، وإنما خلافنا في تخصيص رجب .
فمن صام في رجب من غير تخصيص ، ولا إعتقاد فضيلة ، فلا سبيل لنا عليه ، ولا إنتقاد منا يوجه اليه.
اذا صام صوماً ، عاماً ، هذا لا إشكال فيه ، الإشكال فيمن يَخصون ، الإشكال في من يعتقدون فيه الفضيلة.
قال المجيز : صدقت يا أخي ، ولكن أردت بذلك أن ابين ، أن بعض الناس - خصوصاً - من طلبة العلم الأحداث - منهم من يمنع الصيام في رجب مطلقا ، فإذا رأى من اراد أن يصوم في رجب ، نهاه عن ذلك بدعوى أنه موسم أهل البدع ، فينهى الناس عن الصيام ، وبهذا يقول ما لم يقل به أحد قبله.
قال المانع : الحمد لله اذاً إتفقنا على هذه الصورة ، وتحرير محل النزاع ، إستحباب صيام رجب بخصوصه ، هذا هو الذي نختلف فيه (يعني إعتقاد أفضلية الصيام فيه أو صيامه كله دون غيره من بقية الاشهر) .
هل الصيام في رجب يستحب ؟ هل له فضيلة خاصة ؟ وهل يجوز للإنسان أن يفرده بالصيام كله ؟ فيصوم رجبا كله . هذا هو موضع النزاع.
قال المجيز: وهذه بقية الأدلة :-
- الأدلة على الصيام في الأشهر الحرم :
- حديث عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته فقال يا رسول الله أما تعرفني قال ومن أنت قال أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول قال فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة قال ما أكلت طعاما إلا بليل منذ فارقتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم عذبت نفسك ثم قال صم شهر الصبر ويوما من كل شهر قال زدني فإن بي قوة قال صم يومين قال زدني قال صم ثلاثة أيام قال زدني قال صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها " وهذا رواه ابو داوود والبيهقي ، وقال : البيهقي إسناده جيد ، ورواه ابن ماجة " بلفظ صم اشهر الحرم" .
فهذا دليل على تخصيص الأشهر الحرم. ، ورجب منها بل هو أولها.
وقد إختلف أهل العلم في ترتيبها فالجمهورعلى تفضيل المحرم ثم رجب ، ثم بعد ذلك ما بعده.
قال المانع : لقد إستثمنت يا هذا ذا ورم ، ونفخت في غير ضرم.
- اما الأول : فهو ضعيف ، وقد تعقب الالباني - رحمه الله - البيهقي في المنة ، فتعقب قول البيهقي " إسناده جيد " وبين ضعف إسناده ، وكذلك ضعف الثاني ، فلا يصح في صيام خصوص الأشهر الحرم حديث .
ولو سلمنا بصحته ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : صم واترك ، فكيف تجيزون أن يصام الشهر كله ، وقد قال رسول الله صم واترك.
فقال المجيز : اذا كان لك أن تقلد الألباني - رحمه الله - في تصحيحه ، ألا يسع غيرك أن يقلد البيهقي - رحمه الله - في تجويده ، إذا جاز لك أن تقلد الألباني- رحمه الله- في تضعيفه ، أفلا يجوز لغيرك أن يقلد البيهقي رحمه الله في تجويده إسناده ، وكلاهما من علماء الحديث ، وكلاهما من المتخصصين في هذا الباب .
وكلام الألباني - رحمه الله - ليس ملزماً لكل الناس ، ولا هو صحيح في كل موضع تكلم فيه ، فإذا جاز لك أن تقلد فلاناً من أهل العلم ، جاز لي أن اقلد غيره ، أليس كذلك ؟ قال : بلى.
- قال : أما قولك - وإن صح - فلا دليل فيه ، لأنه قال صم واترك ، والترك يدل على ترك البعض.
- قال : فقد أجاب عنه علماؤنا ، بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - راعى حال الرجل الذي تغيرت هيئته ، وتلاشت جثته ، وذبلت نظارته ، لما رآه تغير من كثرة الصيام ، فبدأ بالأرفق، صم يوما من كل شهر، ثم يومين ، ثم ثلاثة أيام. وهكذا يتدرج معه رثاءً لحاله ، وشفقةً لأحواله ، قال : صم واترك بناء على هذا ، أو لئلا يعتقد أنه واجب ، فالترك هنا ليس واجباً ، الترك هنا إنما هو لبيان حال الرجل.
و قال المجيز: وقد وردت أحاديث في فضائل رجب بخصوصه ، رواها البيهقي في السنن.
- منها : من صام يوماً من رجب سقاه الله عز وجل من ذلك الذي صفته كذا وكذا.
- وحديث أخر من صام يوماً من رجب ، كان كصيام سنة.
- من صام يوماً من رجب عدل صيام شهر، ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه أبواب الجحيم السبعة، ومن صام منه ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية .
- وحديث أن النبي صلى عليه وسلم لم يصم بعد رمضان إلا رجباً وشعبان.
- وحديث رجب شهر الله ، وشعبان شهري ، ورمضان شهر أمتي ، ذكره السيوطي في الجامع الصغير.
- وحديث اللهم بلغنا رجب وشعبان ، وبارك لنا في رمضان ، رواه أحمد وصححه ابو إسماعيل الأنصاري.
فقال المانع : جئتنا ببنيات الطريق ، فكلها أحاديث ضعيفة ، وقد ذكرها ابن حجر في " تبيين العجب "، وذكر منها العجب العجاب ، فكلها أحاديث باطلة. ، والألباني في السلسلة الضعيفة أيضاً .
هي سهامك قد طاشت ، وبضاعتك قد كسدت وبارت.
قال المجيب : بلى ، بقي سهم مصيب إن شاء الله ، وما زال في الجعبة ما فيها.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
قال المجيز : بلى ، بقي سهم مصيب إن شاء الله.
- حديث أُسامةُ بنُ زيدٍ رَضِي اللهُ عنهما أنه قال : "قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، لم أَركَ تَصومُ شَهرًا مِنَ الشُّهورِ ما تَصومُ مِن شعبانَ؟ قالَ : ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ "
قال: ما وجه الدلالة ؟ إنما هو في حديث صيام شعبان !! .
قال : وجه الدلالة ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ذاك شهر يغفل الناس عنه ، بين رجب ورمضان ، والسؤال عن الصيام " يا رسول الله لم أرك تصوم ما تصوم " ، اذاً فالكلام عن الصيام.
ثم إنه ذكر شهر الصوم وهو : رمضان ، اذاً فالمقصود برجب ، يعني بالصيام ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - ذاك شهر يغفل الناس، فمن الناس؟! .
الناس هم : الصحابة ، يغفل الناس عنه !! ، بين رجب ورمضان ، فرمضان شهر الصوم ، والناس يكثرون من الصوم في رجب ، وفي رمضان يصومونه ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم - أقرهم على صيامهم في رجب " ذلك شهر يغفل الناس عنه" تأملها جيدا ، يغفل الناس عنه ، بين رجب ورمضان ، وفيه ترفع الأعمال يعني شعبان.
اذاً فرجب كانت تصومه الصحابة - رضي الله عنهم - ورسول الله أقرهم على ذلك ، لكن انما نعى عليهم الغفلة عن شعبان ، فكما إهتممتم برجب فأهتموا بشعبان ، الذي ترفع فيه الأعمال ، فلاح الدليل ، وهذا الدليل رواه النسائي وحسنه المنذري والألباني ، بل وصححه ابن خزيمة - رحمه الله ، فدارت حماليق عينيه ، وكاد أن يغشى عليه.
قال المانع : هل معك غير هذا ؟
قال المخبر بالجواز: معي جملة من الآثار.
منها : ابن عباس رضي الله عنه ، لما قال تفسير قوله تعالى " فلا تظلموا فيهن أنفسكم " قال الذنب فيه أعظم والعمل الصالح فيه أعظم ، ومن جملة العمل الصالح الصوم ، وهذا ذكره الطبري رحمه الله في تفسيره.
- وعن ابن عمر أنه كان يصوم بمكة الأشهر الحرم.
- وعن أبي قلابة - رحمة الله عليه - أنه قال :" في الجنة قصر لصوام رجب" رواه البيهقي ، وقال البيهقي رحمه الله أبو قلابة من كبار التابعين ، ولا يقول هذا إلا بشيء بلغه فيه، لا يقول ذلك إلا بلاغاً .
هذا أبو قلابة ، والحسن البصري كان يصوم الأشهر الحرم ، ومنها رجب ، وأبو اسحاق السبيعي -رحمه الله- من كبار المحدثين كان يصوم شهر رجب ، وكذلك سفيان الثوري - رحمه الله - قال الأشهر الحرم ، أحب إلي أن اصوم فيها
اذاً فهذه جملة من الآثار الجياد ، التي تدل على فعل السلف الصالح للصيام في هذا الشهر العظيم.
قال المانع : لو سلمنا بصحتها جميعاً فليس فيها حجة، وهي مقابلة بكراهة من كره ذلك ، كعمر وأبي بكرة وابن عمر وغيرهم ، ممن سبق ، اذاً فليس فيها حجة.
قال المجيب : لكن مذهب الجمهور جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال.
فقال المانع : لا يخفاك أن هذا إذا أجتمعت فيه الشروط ، شروط العمل بالحديث الضعيف عند من أجاز العمل به.
وقد نقل الإجماع على ذلك النووي ، وتعقب بأن المسألة خلافية ، فهو قول جمهور أهل العلم ، العمل بالحديث الضعيف الذي لم يشتد ، فلا يجوز العمل بحديث باطل ، ولا واه ، ولا موضوع ، ولا بد أن يندرج تحت أصل صحيح. وألا يعتقد عند العمل به ثبوته ، وألا يشتهر العمل به ، هذه شروط ذكرها أهل العلم بالحديث الضعيف.
فإن أحلت لنفسك أن تعمل بالحديث الضعيف في الإستحباب للصيام في شهر رجب ، اذاً فانا أيضاً أستدل به في الأحاديث الواردة عن النهي عن صيامه.
فإذا جاز لك ، جاز لي ، والأحاديث الضعيفة هنا متعارضة، بعضها يمنع وبعضها يجيز ، فإذا جاز لك جاز لي .
قال المجيز : وهذا لا مانع منه عندي ، لإمكان الجمع بينهما ، فلنصحح البابين ، ولنقل الحديث الضعيف اذاً يستفاد منه شيء ، سواء كان في النهي عن صيام رجب أو في الجواز ، فالجمع ممكن فالصيام مستحب والنهي يكون عن صورة معينة ، النهي يكون عمن صامه على جهة التعظيم ، كتعظيم أهل الجاهلية ، كما يفعلونه عيداً
فإن كان عيداً ، عندئذ ينهى عنه ، تحمل الأحاديث الواردة على النهي عن صوم كصوم أهل الجاهلية ، كما نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - عن فرعهم ، وعن عتيرتهم ، وعن صيامهم يلحق بذلك في رجب .
وكذلك أجاز الفرع والعتيرة إذا جهلت ، جعلت لوجه الله تبارك وتعالى ، ولم تكن على طريقتهم ، فكذلك يكون الصيام مع ملاحظة أن الذين كرهوا ذلك ، إنما كرهوا إفراده وإكماله معاً ، يعني مجرد كراهة ، لا بدعة ولا تحريم .
قال ابن الصلاح – رحمه الله من علماء الشافعية - : " لم يؤثمه أحد من العلماء فيما نعلمه " ( يعني لم يقل أحد بتقسيم من صام رجب) وإنما الكلام في الكراهة فقط ، والكراهة في من أكمله، وفي من أكمله وحده، من أكمل رجباً وحده دون غيره ، فعندئذ يكره له، أما التأثيم فلم يقل به احد.
وهنا قال المانع : - مداخلة. أراد أن يداخل بمداخلة - لقد ذُكر في " الفروع "عن تقي الدين - رحمه الله- احمد ابن تيمية- في مذهب الحنابلة أحد الوجهين بالتحريم وليس الكراهة فقط .
قالوا : وربما أخذه شيخ الاسلام من تصريح أحمد بالكراهة ، فالكراهة في مصطلح الحنابلة إذا ذكرت عن الإمام أحمد ربما حملت أحياناً تأتي بمعنى كراهة التنزيه ، وأحياناً تأتي بمعنى كراهة التحريم ، والمعول عليه ، فهم الأصحاب
من أصحاب أحمد - رحمهم الله - هم الذين يوجهون الكراهة ، تارة إلى التنزيه ، وتارة إلى التحريم ، والنظر في قواعد أحمد ، وفي أصوله يوضح ذلك ، اذاً يا ابن الصلاح " لم يؤثمه أحد من العلماء فيما نعلمه " هذا فيه نظر!
فواصل المجيز حديثه قال : إن مذهب الجمهور إستحباب صيامه كله ولو وحده.
أما الأحناف ففي الفتاوى الهندية ، صيام رجب من المرغوبات في الصيام ، ومذهب الأحناف ، يستحبون صيام الخميس والجمعة والسبت من أول كل شهر من الأشهر الحرم.
وأما المذهب المالكي ، فقد ذكر في " مقدمة ابن ابي زيد القيرواني المالكي " أيضاً ، أن صيام شهر رجب مستحب.
ومذهب الشافعية قرره النووي - رحمه الله - والأنصاري ، أبو زكريا الأنصاري - رحمه الله - وابن حجر الهيثمي والرملي قال ابن حجر: " وأما إستمرار هذا الفقيه - كأنه يشير إلى فقيه في زمانه - على نهي الناس عن صيام رجب فهو جهل منه ، وجزاف على هذه الشريعة المطهرة ، فإن رجع ، وإلا وجب على حكام الشريعة تعزيره بما يردعه وامثاله ، كيف ينهى الناس عن الصيام في رجب !! - وهذا محمول على بعض فقهاء زمانه ، لا أنه يعرض بالإمام أحمد وحاشاه بذلك ، فضلاً عن أن مذهب الحنابلة ، إنما هو فيمن صامه كله وحده ، وأن الأمر للكراهة فقط كما سبق تقريره .
بل في المذهب الحنبلي قال ابن مفلح - رحمه الله - : " قال أحمد رحمه الله : وإن صامه رجل أفطر فيه يوماً أو أياماً بقدر ما لا يصومه كله - ( يعني حتى أحمد يقول : لو أن رجلاً أراد أن يصوم رجب فليصمه ، لكن يفطر فيه يوماً. فمن أفطر يوماً في رجب ، خرج من خلاف العلماء) .
قال الشوكني - رحمه الله – " ولا يخفاك أن الخصوصات إذا لم تنتهض للدلالة على الإستحباب ، إنتهضت العمومات" ، ولم يرد ما يدل على الكراهة بخصوصه ، فلم يرد دليل صحيح يدل على النهي بخصوصه ، اذاً فإما أن نستدل بالخصوص ، إذا صلح للإعتضاد والإستشهاد ، وإذا لم يصلح فالأمر اذاً باقٍ على العموم ( الأحاديث الواردة في فضل الصيام) .
قال ابن رجب - رحمه الله - "في لطائف المعارف " ذكر في وظائف شهر رجب ، بعد أن ذكر تضعيف أهل العلم لكل ما ورد في شهر رجب ، مع ذلك فإنه سلك طريقة أهل العلم في إحترام الخلاف ، قال :" شهر رجب مفتاح اشهر الخير والبركة ، قال ابو بكر الوراق - رحمه الله - رجب شهر الزرع ، وشعبان شهر السقي ، ورمظان شهر الحصاد وقال : رجب مثل الريح ، وشعبان مثل الغيم ، ورمضان مثل المطر ، جدير بمن سود صحيفته بالذنوب ، - هكذا يقول ابن رجب رحمه الله - جدير بمن سود صحيفته بالذنوب ، أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر وبمن ضيع عمره في البطالة ، أن يغتنم فيه ما بقي من العمر .
بيض صحيفتك السوداء في رجب ... بصالح العمل المنجي من اللهبِ
شهر حرام أتى من أشهر حـــــرم ... إذا دعا الله داعٍ فيه لم يَخِبِ
طــوبى لعبـد زكى فيه له عمـــــل ... فكف فيه عن الفحشاء والريبِ
إنتهاز الفرصة بالعمل في هذا الشهر غنيمة ، وإغتنام أوقاته بالطاعات له فضيلة عظيمة
يا عبد أقبل منيباً واغتنم رجـــــــبا .....فإن عفوي عمن تاب قد وجـــبا
في هذه الأشهر الأبواب قد فتحت .......للتائبين فكل نحــــونا هـــربا
حطوا الركائب في أبواب رحمـتنا ..... بحسن ظن فكل نال ما طلـــبا
وقـــــــد نثرنا عليهم من تعطفــنا ...... نثار حسن قبول فاز من نهبا
قال المانع : في هذا القدر كفاية، نسأل الله لنا ولك الهداية ، والمسألة فيها خلاف معتبر، ولكلٍ حظ من النظر، ولا تصل إلى درجة إنكار المنكر، وإنما هي مناظرة ، على سبيل المناصحة والمذاكرة ، لا على سبيل المشاحنة والمنافرة ولا يضر إخوتنا أن نختلف فيها ، وأن تتباين آرائنا فيها ، ولا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ، والله ولي التوفيق والكل يعمل شاكلته ، فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا.
فودع كل منهما صاحبه ، وقرأ كفارة المجلس ، سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك ، وإنصرفا راشدين .
اللهم أنفعنا بما علمتنا ، وعلمنا ما ينفعنا ، وزدنا علماً ، اللهم ارنا الحق حقاً ، وأرزقنا اتباعه ، وارنا الباطل باطلاً ، وأرزقنا إجتنابه
وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين ، والله تعالى اعلم.





شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق